السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر -تقريبا- 29 سنة، ومنذ أن كنت صغيرا، أرى عائلتي في حال -أعتقد أنه- سحر أو حسد، وحتى أنا أفكاري مشتتة، وحياتي فيها عوائق كثيرة، أحيانا أصاب بالخجل أو الرهاب الاجتماعي، وهذا كله بسبب أبينا الذي يتصرف معنا مثل الأعداء، وأمواله كلها للناس، حتى المعيشة لا يصرف علينا بالشكل الصحيح.
أحيانا أرى أحلاما وتحصل في الواقع، مثلا: مرة رأيت أحد أفراد قبيلتي في المنام، وهو قد توفي في حادث سيارة، يأتيني في المنام لمدة ثلاث ليال، أراه يقف فوق رأسي ولا يتكلم بشيء، وهو قريبي ولكن من بعيد.
أرجو الرد، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم كلها.
استشارتك تضمنت أسئلة كثيرة، نجيب عنها في النقاط الآتية:
أولا: ما تعتقده في حال أسرتك من أنهم مصابون بسحر أو حسد، نصيحتنا -أيها الحبيب- ألا تستسلم لهذه الظنون والأوهام، فإن الاستسلام لها لا يزيد الإنسان إلا ضعفا، ولا يزيده إلا كآبة وعناء، وينبغي للإنسان أن يأخذ بالأسباب لمدافعة الأقدار المكروهة، كما ينبغي له أن يأخذ بالأسباب لجلب الأقدار المحبوبة.
ومن الأسباب في صلاح الأحوال تقوى الله تعالى، بأداء الفرائض التي أمر الله بها، واجتناب المحرمات التي نهى الله تعالى عنها، فإن تقوى الله تعالى من أعظم الأسباب في تحسين الأحوال وتوسيع الأرزاق، فقد قال الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}، وكثيرا ما تسوء أحوال الإنسان وتضطرب حياته بسبب بعده عن طاعة ربه، أو وقوعه في بعض معاصيه، وقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه ابن ماجه: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
ومع هذا كله نقول: إن مدافعة القدر المكروه -كالسحر مثلا أو الحسد- مدافعة هذا القدر -على فرض وقوعه- أمره سهل يسير، بقراءة الرقية الشرعية، وأن يرقي الإنسان نفسه بالأذكار الواردة، ويداوم على الأذكار التي شرعها النبي -صلى الله عليه وسلم- للتحصين والحماية من الأذى والمكروه.
والرقية الشرعية ما هي إلا أذكار وأدعية تنفع الإنسان، سواء نزل به مكروه أو لم ينزل به، فنصيحتنا لكم أن تداوموا على رقية أنفسكم بقراءة شيء من القرآن الكريم كسورة الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذتين: (قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس) والآيات التي فيها إبطال السحر من القرآن الكريم، تقرؤون هذا القدر من القرآن الكريم في ماء وتشربون وتغتسلون منه، وهذا -بإذن الله تعالى- نافع غير ضار.
أما النقطة الثانية التي تضمنها سؤالك: إصابتك بالرهاب الاجتماعي، نصيحتنا لك أن تدفع قدر الله تعالى أيضا بقدر الله، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)، فنصيحتنا أن تتوجه إلى الأطباء الحاذقين الذين يعينونك على التخلص من هذا المرض.
أما ما ذكرته من كون الوالد لا ينفق عليكم أمواله، وإنما ينفقه على غيركم، فينبغي أن تعلم أولا -أيها الحبيب- أن الكبار من الأبناء القادرين على العمل لا يجب على الوالد أن ينفق عليهم، فيجب عليهم أن يعملوا للإنفاق على أنفسهم، ولا يلزمه أن ينفق عليهم ما داموا قادرين على العمل واجدين له، ولا يعد تقصيرا منه إذا لم ينفق عليهم، فلا ينبغي أن تسيء في حق والدك بظن أو كلام أو غير ذلك لمجرد هذا الفعل، وبلا شك أن الوالد إذا وجدكم تحتاجون، وكنتم تحسنون التعامل معه؛ فإنه بداعي الفطرة من المحبة للولد؛ سيتجه إلى الإحسان إليكم بدل الإحسان إلى الأغراب.
فحاول أن تتقرب من أبيك، وتبره وتحسن إليه، ولا بأس أن تسأله وتطلبه الإعانة فيما أنتم فيه من الحاجة، وتدعو الله تعالى أن يصلح ما بينك وبينه، وستجد -بإذن الله تعالى- خيرا كثيرا.
وأما ما ذكرته في شأن الرؤى المنامية لبعض الأقارب؛ فهذه الرؤى قد تكون رؤى من الله تعالى، وقد تكون أحلاما من الشيطان يتلاعب بالإنسان، وقد تكون حديث نفس -بسبب تفكيرك أو تأثرك بموت قريبك ذاك-، وعلى كل حال: لا ينبغي للإنسان أن يعتني ويهتم كثيرا بشأن الرؤيا التي يكرهها، فقد شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- أذكارا وأحوالا تدفع بها الرؤيا المكروهة إذا رأى ما يكره، بأن يستعيذ بالله تعالى من شر الشيطان ومن شر هذه الرؤيا، ويتفل عن يساره ثلاثا بعد إفاقته من هذه الرؤيا، ويتحول عن جنبه، فإذا فعل هذا ذهب عنه -بإذن الله تعالى- ثقل هذه الرؤيا.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.