السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل متزوج حديثا، ولكن هناك بعض الخلافات بيني وبين زوجتي، تتعلق بطبيعة علاقتها بأختها، فهي ترى أن لا مشكلة في أن تستخدم أختها مطبخنا، وتفتح الثلاجة، وتضيف ضيوفها في منزلنا، بل وتجلس في غرفة نومنا، وتستخدم الحمام الخاص بنا.
أما أنا، فأرى أن أختها تعد من الضيوف، ومن باب الاحترام أن تلتزم بالمساحة المخصصة للضيوف، وهي: صالة الاستقبال، وحمام الضيوف فقط، ولا أرى أنه من المقبول أن تتصرف وكأن البيت بيتها، أو أن تستضيف ضيوفها في منزلي، فهي في نظري ضيف مثلهم تماما.
وعندما أخبرت زوجتي برأيي، ردت قائلة: إن هذا هو ما تربوا عليه، وأنها لن تخبر أختها بذلك؛ لأنها ترى أن كلامي ليس منطقيا، وأن أختها ستغضب منها إن فعلت، فقلت لها: هل ترين أن غضب أختك أهم من غضبي؟
وضربت لها مثالا: قلت لها إنه إذا رزقنا الله أولادا، وزرنا بيت أختي، فهل ستعترض إن ساعدوا أختي في تحضير الطعام؟ فقالت: نعم، لأننا ضيوف، ويجب عليهم إكرامنا. فردت علي قائلة: نحن لسنا ضيوفا، وسأجبر أولادي على مساعدتها، وإن كنت أعلم أن هذه هي أفكارك، لما رضيت بك أو تزوجتك.
والآن، أود أن أعرف الحكم الشرعي في هذا الأمر، وماذا علي أن أفعل؟ لأني بصراحة، غير متقبل لهذا الموقف على الإطلاق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي العزيز وولدي الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونسأل الله تعالى أن يديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجتك، وبين زوجتك وبين أهلها.
ونحن نوصيك بأن تتعامل مع زوجتك بنوع من التسامح والتيسير في علاقتها بأهلها، ولا سيما أختها، بغض النظر عن الحقوق الشرعية، والحدود التي يجب على كل واحد منكما أن يقف عندها، فهناك حق واجب، وهناك فضل وإحسان، والله تعالى قال: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}، فالعدل أن يأخذ كل واحد من الناس حقه، والإحسان أن يتسامح الإنسان، فيبذل فوق ما عليه، أو يتغاضى ويتسامح فيأخذ دون (أقل) حقه، والله تعالى يحب المحسنين، ويدعو إلى الإحسان، ويبشر المحسن بأن جزاء إحسانه إحسان من الله تعالى، كما قال الله في كتابه الكريم: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
فالعدل والحق الذي يجب لك على زوجتك، هو ألا تدخل بيتك إلا من ترضى أنت بدخوله إلى البيت، فلك الحق في أن تمنعها من استضافة أي أحد من أقاربها، فهذا حق لك من حيث الحق، ولكن من الإحسان إلى زوجتك أن تعينها على برها، والإحسان إلى أقاربها، ولا سيما أختها، وأن تتسامح فيما جرت به عادة الأخوات من إكرام بعضهن بعضا في بيوتهن، وكما أخبرتك زوجتك أن هناك عادات جرت بين الناس، وأعراف تعارفوا على التعامل بها، ومن ذلك أن أخت المرأة تتعامل مع بيت أختها كما تتعامل مع بيتها، فلا حرج عليها في أن تعطيها من الخصائص والمميزات ما تميزها به عن سائر الضيوف، ولكن بما لا يتضمن ضررا عليك، ولا إيقاعا لك في محرم شرعي.
ولهذا ننصحك بأن تعالج الموقف مع زوجتك من ناحية شرعية أخرى، وهي: أن تتعامل مع أختها بوجودك في البيت وفق الضوابط الشرعية، من حيث أن تمنع أختها وتخبرها بأنك أجنبي عنها، وأنه لا يجوز لها أن تخلع حجابها أمامك، أو أن تختلي بها في البيت، فهذه ضوابط شرعية صحيحة، والقيام بها امتثال لأمر الله تعالى، وتجنب لمساخطه تعالى.
أما في حال عدم وجودك في البيت، وأرادت زوجتك إدخال أختها إلى غرفتها؛ أو أن تسمح لها باستعمال أشياء من خصائصها، فهذا لا ضرر عليك فيه، وفيه مؤانسة ولطف لزوجتك، وإعانة لها على كسب ود أختها، وأنت مأجور على هذا الإحسان، ومدخر لك ثوابه في صحائف أعمالك، وهو نوع من التيسير على زوجتك، والتخفيف عنها، والله تعالى يعامل الإنسان بما يعامل به الإنسان غيره، فمن خفف على العباد خفف الله عنه، ومن يسر لهم يسر الله تعالى له، ومن تسامح معهم وتجاوز عنهم تجاوز الله تعالى عنه، وهكذا، وقد دلت على هذا أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك ما ذكرته في استشارتك، من أن زوجتك ترى أن أولادها في المستقبل ينبغي أن يكونوا عونا لخالتهم، فإن الخالة بمنزلة الأم، ولا يتعاملون معها تعاملهم مع غيرها من النساء، بحيث إذا دخلوا بيتها اعتبروا أنفسهم ضيوفا فقط.
فهذه الأمور نرى -أيها الحبيب- أنها لا تستحق منك أن تكون محل اعتناء كبير، واهتمام بها؛ بحيث تؤدي إلى النزاع والشقاق والبغضاء بينك وبين زوجتك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقك لكل خير.