حياتي مليئة بالإخفاقات والأبواب تُغلق في وجهي.. ساعدوني

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابة، صيدلانية، أدرس، ولم أتوقف عن الدراسة، حتى بعد تخرجي من الجامعة، بدأت في تعلم لغة جديدة، وبعد ٤ سنوات بدأت أطرق أبواب العمل.

في هذا العام قدمت في أكثر من ٤ شركات، ولم أتوفق في العمل معهم، ثم قمت بتحضير معادلة، ولم أوفق بها، ثم قمت بتحضيرها مرة أخرى بمجهود مضاعف، ووضعت الكثير من الأموال، والمجهود، والسهر، مع الدعاء بالنجاح والزواج، وقيام الليل من حين لآخر، ولم أوفق مرة أخرى!

شعرت باليأس، وكلما زاد دعائي وتقربي من الله انغلقت الأبواب في وجهي أكثر! حتى أقرب أصدقائي غدروا بي، وسببوا لي الألم! مع أنني كنت أكثر من يدعمهم، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، وكلما تقدم لي أحد لا يتم الأمر.

صورتي الذاتية أوشكت على الانهيار، أحاول دائما ترميم نفسي، ولكن حياتي أصبحت مليئة بالإخفاقات، لكن لدي يقين داخلي بأنها كلما اشتدت ستتيسر.

أصبحت وحيدة، وقلبي ينزف ألما، مع العلم بأنني مداومة على الدعاء، وقراءة القرآن، والسعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

لا بد -أختي- أن تتقني فن الانسحاب والخروج وتغيير المسار، الإصرار مهم، ويحقق الأهداف، ولكن ما يجهله الكثير أن الإصرار بدون تخطيط جيد يمكن أن يسبب الفشل، عندما نسير نحو تحقيق أهدافنا تلوح لنا مؤشرات وبوادر أننا على الطريق الصحيح، أو أننا على وشك الوصول؛ فإن تكرر الإخفاق وزاد الانحراف فهذا دليل مهم أن الطريق الذي نسلكه غير صحيح، أو أن الله لا يريدنا أن نسلك هذا المسار، أو أن المصلحة في تغيير الطريق تماما.

من الخطأ الكبير -أختي الفاضلة- أن تظني أن زيادة الدعاء والتقرب إلى الله سببا في غلق الأبواب في وجهك، أو سببا في فساد علاقتك بأصدقائك، فبادري إلى التوبة من هذا الظن السيء بالله تعالى، ففي الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء...) رواه أحمد، ومع حسن الظن بالله تعالى لا بد من فقه الأخذ بالأسباب.

فتحقيق الأهداف له جانب مادي مرتبط بالعمل بالأسباب، وهذه الأسباب لا بد أن تدرس بعناية، ولا بد أن تحققي وسائل النجاح فيها، وكذلك الابتعاد عن كل وسائل الإخفاق، ولا يكون هذا إلا بالتخطيط، والدراسة المتأنية، وسؤال أهل الخبرة والتجربة، وفهم الواقع والمتغيرات، وفي نفس الوقت بادري إلى بناء علاقة قوية مع الله تعالى، فتلك العلاقة مهمة، فهي التي تغذي جانب الروح، وتزيد من بناء النفس التي تجعلك قادرة على مقاومة الصعاب والعوائق، وتدفعك للاستمرار بثبات.

من أسباب الانهيار النفسي ربط حياتك ونجاحك وسعادتك بجزئية صغيرة منها، وهذا يجعل الإخفاق أو العجز في كل حياتك مرتهنا بهذه الجزئية، حياتك فيها الكثير من الجوانب الإيجابية الكثيرة، ولا بد أن لا تختزلي نجاحك في الحياة بكل جوانبها في هذه الجزئية، أيضا من أهم أسباب الشعور بالضعف، والعجز، وعدم الشعور بالإنجاز في الحياة، ولو أنك ملأت حياتك بالإنجازات البسيطة والقليلة لتبدد هذا الشعور بالانهيار؛ لذلك ننصحك أن تبادري في ترتيب وقتك أولا، وصناعة إنجازات صغيرة تشعرك بأن لك معنى في الحياة، فمثلا حفظ صفحة من كتاب الله تعتبر إنجازا، القيام بأداء الفرائض والنوافل على أكمل وجه يعتبر إنجازا، تنمية أو اكتساب أي مهارة يعتبر إنجازا، هذه الإنجازات قد تكون بسيطة في نظرك، لكنها ستشعرك بالمعنى لذاتك، خصوصا عندما تتراكم وتصبح سببا في رغبتك في المزيد.

أخيرا أختي الفاضلة: حسن الظن بالله وبعلمه وقدرته -سبحانه- يحقق لك الرضا، والمبادرة إلى الطاعات والقربات تشرح الصدر، وتخفف من شدة الأزمات، وتعطي الإنسان القوة والقدرة على التفكير الصحيح خارج الضغوطات؛ لذلك لا بد أن تكثري من الدعاء والاستغفار وذكر الله تعالى و-بإذن الله- يأتي الفرج، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ۚ وإن الله لمع المحسنين).

وفقك الله ويسر أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات