السؤال
السلام عليكم.
هل يجوز أن لا يهتم الشخص لأمور الدنيا كلها خيرها وشرها؟ مثلا أن لا أتعلم أي شيء جديد، ولا أسعى في تحقيق النجاح ولا غيره من أمور الدنيا؟
بكل اختصار: أن يعيش الشخص فقط لانتظار الآخرة وملاقاة ربه، والسبب هو أنه يخاف من اللهو في الدنيا، ويخاف أن ينسى عبادة ربه ويقع في المعاصي.
أنا على هذا الحال منذ أكثر من أسبوعين، و-الحمد لله- أشعر بسعادة لم أشعر بها من قبل، ولكن لا أعرف إن كان يجوز ما أنا عليه أم لا؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالك كلها، ويعينك على مرضاته، ويشغلك بطاعته.
نشكر لك تواصلك بالموقع وتوجهك بالسؤال، وهذا من توفيق الله تعالى لك، وينبغي أن تعلم -أيها الحبيب- أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، أي أن الإنسان يزرع فيها ويحصد في الآخرة، وجعل عمارة الدنيا بهذه النية عبادة من العبادات، فالإنسان المسلم يتميز عن غيره من البشر الذين يعيشون على هذه الأرض، بأنه يدرك تمام الإدراك أن هذه الدنيا مرحلة يسيرة يقطعها في طريقه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى جنته في الدار الآخرة.
الله تعالى أراد منا أن نعمر هذه الدنيا بما تتحقق فيه المصالح الدينية، وبما ينفعنا في الآخرة، ولم يطلب منا العزوف عن هذه الدنيا وتركها بالكلية، فالدنيا ما هي إلا هواء نتنفسه، وطعام نتقوى به على طاعة الله، وشراب، ولذة نتلذذ بها لنؤنس النفس لتستعد وتنشط لما ينفعها في أعمال الآخرة، وزوجة صالحة ننجب منها ذرية طيبة، ونقضي بها حق النفس، للزوج وللزوجة، ونحو ذلك من اللذائذ الدنيوية.
إذا عمر الإنسان هذه الدنيا بهذه النية؛ صار هذا التعمير عبادة من العبادات التي تقربه إلى الله تعالى، ويجد ثمرتها في الآخرة؛ فلا تناقض بين الدنيا والآخرة في عقيدة الإنسان المسلم، لأنه لا يعظم الدنيا لذات الدنيا، وإنما يتخذها مطية يركبها ليصل إلى الدار الآخرة.
لكن لو قرر شخص ما أن يترك الاشتغال بالدنيا وعنده من نفقته وحاجته ما يكفيه ويعفه عن السؤال والطلب من الناس؛ لو أن إنسانا قرر هذا وحده بمفرده، واشتغل بالعبادة وتفرغ لها، فهذا أمر جائز، لم يفعل حراما، ولكن ليس هو الإنسان الكامل الذي يريده الله تعالى في هذه الدنيا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك للخير.