فشل زواجي بسبب عصبيتي، فهل أتزوج مرة أخرى؟

0 10

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 43 سنة، تزوجت وتم الطلاق مرتان؛ بسبب غضبي الذي نغص حياتي في كل مكان حتى في العمل، طلقت زوجاتي رفقا بهن، فقد تحملن الكثير، فأنا أغضب عليهن كثيرا، ويدخلن في مرحلة اكتئاب بسببي، أصرخ ولكن لا أضرب أبدا، وهذا دليل على سلامة قلبي، زوجاتي صبرن أكثر من 10 سنوات قبل الانفصال.

الآن أشعر بالوحدة، وأعيش في الغربة، وأريد الزواج وبشدة، وكلما تذكرت نفسي عند الغضب أترك التفكير في هذا الأمر، وأقول: لماذا التعب؟ هل أتزوج لأعيد نفس السيناريوهات؟ بسببي طبعا.

أرجو النصيحة: هل أتزوج وأحاول إصلاح نفسي من ناحية الغضب، أم أبقى عازبا حتى الموت؟ فأنا لا أريد حمل ذنب أي امرأة في الدنيا، أو ظلم أي واحدة، فالعزوبية أو الموت وحيدا أهون علي من ذلك.

مع العلم أني أتناول الدواء منذ 20 سنة، وقد ساعدني الدواء، لكني سريع الغضب جدا؛ مما جعلني أكره نفسي وأريد الخروج من جسدي.

المعذرة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وتعوذ بالله من الغضب؛ فإنه من الشيطان، واستمع واستجب لوصية النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب"، ودرب نفسك على ترك الغضب، ونحيي مشاعرك النبيلة تجاه النساء ألا يظلمن بسبب هذا الغضب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر لنا ولك ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

ولا يخفى على أمثالك أن الإنسان إذا غضب ينبغي أن يتعوذ بالله من الشيطان، ويذكر الرحمن، ويهجر المكان، ويمسك اللسان، ويهدئ الأركان، فلو كان واقفا يجلس، وإذا كان جالسا يتكئ، ثم إذا كان الغضب شديدا عليه أن يتوضأ، وإذا كان الغضب شديدا عليه أن يصلي، قال تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}، ما هو العلاج يا رب؟ {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

ومع ذلك فإنا لا ننصحك بأن لا تتزوج، وأرجو أن يكون هذا الكلام واضحا منذ البداية، بأن تقول للزوجة: (أنا سريع الغضب، وأرجو أن تتحمليني وتعينيني على تحسين وتغيير أوضاعي)، والمرأة الذكية هي التي تعين زوجها حتى وإن كان غضوبا، بأن تتفادى الأمور التي تثير غضبه، إذا عرفت الأمور التي تغضبه، ثم تفادت الوقوع بها، وتحاشت الدخول إلى هذه الدوائر التي تكون سببا في غضب الزوج؛ فإن هذا يقلل من غضب الزوج، وقد ينتهي هذا الغضب.

ولذلك لما خطب رجل عاقل امرأة قال لها في أول ليلة: (إني سيء الخلق وسريع الغضب)، فقالت له: (أسوأ منك من يلجئك إلى سيء الخلق)، وهذه تعتبر فيلسوفة في التربية والإصلاح السلوكي؛ لأنها وضعت يدها على مكمن الإشكال، عندما قالت: (أسوأ منك من يلجئك إلى سيء الأخلاق ويلجئك إلى الغضب)، وفعلا عاشت معه؛ لأنها تفادت الأمور التي تثير غضب زوجها.

وعندما يغضب الزوج فإن المرأة العاقلة تهدأ عنده، وتخرج من المكان الذي حضر فيه الشيطان، ثم تعود له بعد ذلك بما يشتهيه من طعام أو شراب، المهم تلتزم الهدوء وتلتزم الأدب، حتى تنتهي هذه الثورة من الغضب، وعندها يعود الرجل إلى صوابه، وقد يبادرها بالاعتذار، فإذا صبرت المرأة على زوجها -وهذا هو المطلوب-، أو يصبر هو على زوجته إذا كانت هي أيضا عندها إشكال، الأمر كما قال أبو الدرداء لزوجته: "إذا غضبت فرضني، وإذا غضبت رضيتك، وإلا لم نصطحب".

فعليه: نحن نميل إلى أن تتزوج، ولكن هذا الجانب ينبغي أن يكون واضحا لمن تريد أن تدخل في حياتك، وتبين لها أنك بحاجة إلى من يصبر عليك، وعند ذلك ستنجح؛ لأنها تتوقع ثورة الغضب وتنجح -إن شاء الله- في التعامل معها، ونسعد بتواصلك وتواصل زوجة المستقبل أيضا عندما تدخل لحياتك، تتواصل حتى تأخذ توجيهات تعينها على تحمل الصعاب التي تنتج عن غضبك وانفعالك، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، ونعوذ بالله من الشقاق والنفاق وسيء الأخلاق، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات