السؤال
السلام عليكم
حصلت خصومة بيني وبين خالتي، وأحسست أني ظلمت، فقطعت التواصل معها، باستثناء الاجتماعات العائلية، واقتصرت على السلام فقط، أو بضع كلمات تعد على الأصابع، جبرا لخاطر أمي وجدتي، ومع ذلك ظل يصلني أذاها.
الآن أجتنب حتى الاجتماعات العائلية، وأي مكان يجمعني بها، ولا أوجه لها الكلام، باستثناء السلام عليكم، إذا دخلت لمجلس هي فيه، فهل هذا يعتبر قطع رحم؟ مع أني سامحتها لوجه الله، والله يشهد أني ليس في قلبي ضغينة من جهتها، لكن اجتنابا للمشاكل.
علما أن أمي مريضة، وقد تأذت كثيرا من هذا الخصام، ولا أريد خلق عداوة بين العائلة، أو فتح المجال لها لخلق مشاكل جديدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الاهتمام والحرص على صلة الرحم، والإحسان إلى الخالة، والخالة أم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ونسأل الله أن يهدي هذه الخالة وغيرها من النساء إلى أحسن الأخلاق والأعمال؛ فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
نحب أن نؤكد لك أن الصغير يصبر على الكبير، وأن الذي يبادر بالصلح ويبادر بالإحسان هو الأفضل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، والفتاة لا تستطيع أن تجاري خالتها؛ لأنها في مقام الأم، وصبرك عليها مما تؤجرين عليه، بل هو من برها، بل هو لون من صلة الرحم.
أما إذا كان الاستمرار في التواصل مع الخالة سيجلب مزيدا من المشاكل؛ فإن عليك أن تكتفي بالحد الأدنى من العلاقة، والحد الأدنى من العلاقة هو أن تسلمي عليها إذا حضرت، أن تسألي عنها إذا غابت، أن تدعي الله لها إذا مرضت، وتساعديها -إن استطعت- بأموالك، وبهذا تخرجين من الحرج الشرعي.
والأحسن من هذا أن تعرفي ماذا تريد الوالدة، فالذي يرضي الوالدة هو الذي ينبغي أن تقومي به، فإذا رضيت الوالدة بهذا الحد الأدنى من التواصل فبها ونعمت، وهذا هو المطلوب، وتكونين بذلك قد فزت بصلة الرحم وإرضاء الوالدة كذلك.
أما إذا كان للوالدة رأي آخر وتريد منك أن يزداد التواصل؛ فأرجو أن تزيدي التواصل مع هذه الخالة؛ لأن رضا الوالدة هنا مطلب شرعي، كما أن صلة الرحم مطلب شرعي آخر، إلا أن صلة الرحم تتحقق بمجرد السلام، والكلام والسؤال عن الحال، والمباركة لها في رمضان وفي الأعياد وفي المناسبات، أعتقد هذا الحد يكفي ويخرجك من الحرج الشرعي.
الشريعة لا تدعوك إلى الاحتكاك أو مزيد من التداخل معها، إذا كان ذلك سيترتب عليه مزيد من الخصام ومزيد من الإشكالات.
أحب أن أنبه -ابنتي الفاضلة- بأننا معاشر الصغار ينبغي أن نحتمل من الكبار، فالخالة أم، والإنسان لا يغضب من الكلمة التي تصدر من الأم أو من الأب أو من الخالة أو من العمة، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وعلى تجاوز هذه الصعاب، واعلمي أن رضا الله يحتاج إلى صبر، وأن مهر الجنة غال.
نسأل الله أن يوفقك وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحيي عفوك عنها ومسامحتك لها، بل نحيي هذا التواصل مع الموقع الذي يدل على نفس لوامة تلومك على التقصير، وأنت -إن شاء الله- لست مقصرة، أرجو أن تزدادي خيرا وحرصا على بر الوالدة وصلة الرحم، ونسأل الله أن يسعدكم بشفاء الوالدة شفاء تاما، وأن يكتب لها الأجر والثواب.
نكرر لك الشكر على التواصل وعلى الاهتمام بصلة الرحم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.