أحسن إلى أهلي ويسيؤون إلي بالكلام والأفعال، فماذا أفعل؟

0 16

السؤال

أنا شاب متزوج، وكان يضرب بي المثل في البر وصلة الوالدين والأرحام، بسبب احترامي وعطفي وبري بأبوي، لكن منذ 6 سنوات أعاني من تغير تعاملهما معي ومع زوجتي وأولادي!

إذا ذهبنا لا يحترموننا في بيتهم، وفي كثير من الأحيان يتمنون أن لا نزورهم، بعكس إخواني الذين يحبونهم، ويميزونهم أكثر مني، مع أني أنا أبرهم أكثر من إخواني، ولا أجد منهم إلا النفور والكره، نعم الكره، تقول لي: لا يوجد أب وأم يكرهان ابنهما، أنا أقول: إنهم يكرهونني ويكرهون زوجتي وأولادي، والإنسان يشعر بذلك.

إنهم يزورون بيوت إخوتي ولا يزورونني، يساعدون إخوتي ولا يساعدونني، بل إنهم يظهرون العداوة والكراهية لي، ولا أعلم ما السبب؟

في رمضان يدعون إخوتي وأزواجهم ولا يدعونني إلى الإفطار بدون أي سبب! عزلوني عن العائلة بشكل كامل، حتى في زياراتهم أو رحلاتهم يستبعدونني أنا وعائلتي، وكل هذا ولا أعلم ما السبب؟! لدرجة أني أصبت بأمراض من شدة حزني والضغط النفسي الذي أصابني.

مع ذلك أنا أزورهم كل أسبوع باستمرار، ولا أنقطع عنهم، وأتكلم معهم على الهاتف يوميا للاطمئنان عليهم، ولكن في الفترة الأخيرة، وبعد مكالمة مع والدتي أسأل عن صحتهم، وعن أحوالهم، وخلال المكالمة بدأت والدتي بشتمي وسبي، لأني قلت لها: أريد زيارتكم يوم الجمعة، وهي تريد الخروج مع إخوتي الآخرين، ولاختصار المحادثة أغلقت الخط؛ لأني لم أتحمل شتمها وصراخها علي، وارتفع ضغط الدم عندي، لأني لم أخطئ، فقط قلت لها: أريد زيارتكم.

بعد هذه الحادثة قررت عدم الذهاب إليهم أو الكلام معهم؛ لأني لم أعد أستطيع الاحتمال، وأصبحت العلاقة معهم ترفع عندي ضغط الدم والحزن؛ مما أراه من تمييز واضح ما بيني وبين إخوتي الآخرين!

أنا إنسان أخاف الله كثيرا، ومواظب على الصلاة وقراءة الأوراد والأدعية، والتقرب إلى الله، وأعرف ما معنى فضل بر الوالدين، ولكن قلبي لم يعد يحتمل منهم أي سب أو شتم أو قلة احترام، وخصوصا بعدما علمت أنهم أيضا يتحدثون عني بكل شيء سيء للأقارب والأصدقاء، وكل هذا لا أعلم ما السبب؟! علما بأن البيت الذي يسكنونه أنا اشتريته لهم!

أنا في حيرة وتعب نفسي شديد! أرجو الإفادة منكم، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.

ندرك تماما ما تمر به، خاصة أنك تسعى جاهدا للبر بوالديك وطاعتهما، ومع ذلك تشعر بأنهم يسعون للابتعاد عنك - كما ذكرت -، وللتعامل مع هذا الوضع يمكنك اتباع الخطوات التالية:

أولا: محاولة فهم السبب من خلال التواصل المباشر، قد يكون من المفيد الجلوس مع والديك ومناقشة مشاعرك بصراحة وهدوء، حاول أن تسألهم عن السبب الذي يجعلهم يشعرون بهذه المشاعر تجاهك أو تجاه أسرتك، المواجهة الصريحة قد تزيل الكثير من التساؤلات والحساسية، وربما الكثير من الوهم.

ثانيا: تحليل المواقف، حاول التفكير في أي أحداث سابقة قد تكون سببت توترا أو سوء فهم بينكم، استفسر من إخوتك أو المقربين منك إن كان هناك سوء تفاهم أو مآخذ عليك لا تعلم بها، إن وجدت شيئا من هذا القبيل، فبادر إلى الاعتراف بالخطأ أو توضيح عدم تعمدك لذلك.

ثالثا: الاحتفاظ بالاحترام والتواصل حتى لو كانت الأمور صعبة، حافظ على التواصل مع والديك واحترامهم وتقديرهم، عدم الرد بالمثل على أي تصرف سلبي قد يكون وسيلة لإظهار حسن نيتك، فللوالدين حق المعروف والإحسان مهما كانت الظروف.

رابعا: إظهار الحب والدعم، حاول أن تبين لهم حبك ودعمك بشكل مستمر، سواء من خلال الأفعال أو الكلمات، فالكثير من المواقف قد تدفعهم للاعتراف بفضلك ومكانتك عندهم.

خامسا: تقديم مبادرات إيجابية، حاول القيام بأشياء تظهر اهتمامك بهم، مثل مساعدتهم في أمور حياتهم اليومية، أو زيارة مفاجئة تحمل فيها هدية أو طعاما.

سادسا: إشراكهم في حياة أسرتك، فقد يشعر والداك بالتهميش أو الابتعاد؛ لذا حاول إشراكهم في بعض أنشطة حياتك وحياة زوجتك وأولادك، بدلا من الذهاب إليهم، ادعهم لزيارتك لتظهر لهم الاحترام والتقدير بعيدا عن الآخرين.

سابعا: الاستعانة بمن يشفع لك عند والديك، إذا كنت تشعر بعدم القدرة على حل المشكلة بمفردك، قد يكون من المفيد التحدث مع شخص من العائلة أو أحد الأقارب الذي يحترمه والداك ليتوسط بينكم.

ثامنا: التكيف والصبر الجميل، قد تحتاج إلى بعض الوقت لتزول آثار بعض المواقف، والصبر لتحسين العلاقات، في بعض الحالات قد تكون الأمور خارجة عن إرادتك، وفي هذه الحالة من المهم أن تحافظ على صحتك النفسية، وأن تحاول تقبل الوضع مع الاستمرار في البر والطاعة والإحسان.

أخي العزيز: لا تتوقف عن الإحسان والمحاولة في بر والديك، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم.

كذلك ننصحك أن تبحث في نفسك، فقد تكون شخصية شديدة الحساسية، تضخم بعض المواقف وتبالغ فيها؛ لذلك لا بد من الحوار المباشر، وعدم الاندفاع والتسرع لفهم كل ذلك.

أخي العزيز، إذا كنت تؤدي ما عليك من حق، وتقوم بما عليك من واجب البر والإحسان، فلا تجعل هذه المواقف تؤثر على جوانب أخرى في حياتك، فالله تعالى مطلع على النوايا والقلوب، وعليك بالإكثار من الدعاء أن يصلح ما بينك وبين والديك، وتستمر في بذل الخير ابتغاء وجه الله تعالى.

وفقك الله ويسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات