السؤال
السلام عليكم.
أعاني من عدم الثقة في نفسي منذ وفاة أبي قبل أربع سنوات من الآن. لدي أخ توأم، لا أحتمل أن يمسك زمام الأمور بعد أبي، أنا وهو الأكبران في العائلة، أنا أهتم بإخوتي الصغار، وصديقة لأمي، ولكن بعد وفاة أبي بدأت أمي والعائلة تضع كل الاهتمامات على أخي، ومهما فعلت لا أجد منهم كلمات الرضا والشكر؛ مما جعل إخواني الصغار لا يحترمونني.
تعبت كثيرا بعد وفاة أبي، فلقد كنت ابنته المدللة، ولا أحتمل تحول حياتنا، ولا أقدر أن أقدم شيئا لنفسي، ولا لعائلتي، تغيرت طباعي كثيرا عما كنت عليه.
أصبحت متشائمة في كل شيء، كنت أحب كوني فتاة في وجود أبي، ولكن بفقده أشعر أني عاجزة؛ لأني فتاة، ولا أريد لمشاعري هذه أن تؤثر في علاقتي مع إخوتي، أو أن تنتزع هدوء البيت، ولكني أشعر أنه لم تعد لي قيمة بعد أبي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Loyola حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نريد أن نعبر عن تعاطفنا معك في هذا الوقت العصيب؛ ففقدان الوالد هو تجربة مؤلمة للغاية، وقد يستغرق الأمر وقتا للتكيف مع هذه الخسارة الكبيرة، مشاعرك تجاه الوضع الذي تعيشينه الآن طبيعية جدا، وقد تشعرين بثقل المسؤولية والضغط الناتج عن التغيرات في حياتك، وحياة عائلتك بعد وفاة والدك.
من الواضح أنك كنت مرتبطة جدا بوالدك، وقد أثر فقدانه على شعورك بالقيمة الذاتية والثقة بالنفس، يبدو أيضا أن هناك نوعا من التنافس، أو المقارنة بينك وبين أخيك التوأم، خاصة فيما يتعلق بتحمل المسؤولية، ورعاية العائلة، وهذا الوضع يمكن أن يكون مرهقا للغاية، خاصة إذا كنت تشعرين بأن جهودك لا تقدر، أو تذكر كما ينبغي.
وإليك نصائح لمعالجة هذه المشاعر:
1. من المهم أن تعترفي بمشاعرك دون أن تشعري بالذنب تجاهها، الحزن، الغضب، الإحباط، والغيرة هي مشاعر طبيعية في مثل هذه الظروف، اعترفي بها، واسمحي لنفسك بالتعبير عنها.
2. حاولي أن تتحدثي مع والدتك وأخيك عن مشاعرك بشكل هادئ وصريح، قد يكون لديهم فكرة خاطئة عن شعورك ورغباتك، الحوار المفتوح يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات، وفهم أعمق لما تمرين به.
3. حاولي أن تركزي على ما يمكنك فعله وما تستطيعين تحقيقه، ربما تكونين قد فقدت ثقتك بنفسك بعد وفاة والدك، لكن من المهم أن تتذكري أنك قادرة على النجاح والقيام بالكثير؛ ابدئي بأهداف صغيرة، واعملي على تحقيقها لتشعري بالإنجاز.
4. قد يكون من المفيد التفكير في كيفية توزيع المسؤوليات داخل العائلة، بطريقة تتيح لك ولأخيك التعاون بدلا من التنافس؛ يمكنكما معا تقديم الدعم المتبادل، والارتقاء بمستوى المسؤولية.
5. في مثل هذه الأوقات، اللجوء إلى الله بالدعاء، والتضرع يمكن أن يمنحك السكينة والاطمئنان، قال الله تعالى في سورة البقرة: {وبشر الصابرين}، وقد ورد في الحديث الصحيح: (أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم، فصبرك على أهلك وإخوانك يدخل في هذا الباب، وأنت مأجورة على هذا الصبر.
6. الإسلام جعل للمرأة قيمة ومكانة، فلا تدعي الظروف المحيطة تشعرك بالنقص كفتاة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (النساء شقائق الرجال)؛ مما يؤكد على القيمة المشتركة بين الرجل والمرأة، ومبدأ القيمة المشتركة هذا بين الرجل والمرأة لا يلغي الأدوار الطبيعية التي جعلها الله لكل منهما، فـ{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، كما في الآية الكريمة.
وينبغي أن يكون دور الإخوة والأخوات في البيت دورا تكامليا لا تنافسيا؛ فالأسرة كالسفينة الواحدة التي يتعاون جميع أفرادها على إبحارها بسلام.
ولأن الرجل عادة هو المسؤول عن ولاية المرأة بشكل عام؛ سواء كان والدا، أو أخا، أو زوجا، فمن الطبيعي أن يكون هناك نوع من الاهتمام بالولد الذكر لتأهيله لمواقع المسؤولية، مع الحرص على العدالة بين الذكور والإناث، ولكن هناك مواضع تختص بالذكور ينبغي أن يشجعوا عليها، ومواضع تختص بالإناث ينبغي أن يشجعن عليها.
7. حاولي أن تركزي على الجوانب الإيجابية في حياتك، والأشياء التي تجلب لك السعادة، يمكن أن يساعدك التفكير الإيجابي في تحسين مزاجك، وإعادة بناء الثقة بنفسك.
تذكري أن التغيير يحتاج إلى وقت، والصبر مفتاح لتحقيق التوازن في حياتك بعد فقدان والدك، ادعي الله دائما بالثبات والقوة، وثقي بأنك قادرة على تخطي هذه الأزمة، والخروج منها أقوى.
يسر الله أمرك.