السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا موظفة في إحدى الهيئات الحكومية الجديدة، حيث بدأت العمل في هذه الهيئة منذ إنشائها قبل سنتين ونصف، وكنت حديثة التخرج، والحمد لله أثبت وجودي في عملي، وحصلت على ترقيتين متتاليتين، وأصبحت أصغر رئيسة وحدة في هذه الهيئة، حيث أن الرؤساء الباقين لا تقل خبرتهم عن 10 سنوات، وتجاوز سنهم الثلاثين.
المشكلة أن عملي فيه نسبة من الاختلاط مع الموظفين، وفي بعض الأحيان مع المراجعين، وأنا والحمد لله ملتزمة، ووضعت لي حدودا في التعامل مع الآخرين، وقد احترم الجميع ذلك وبادلوني احتراما وتقديرا، ولكن مازلت غير مرتاحة لموضوع الاختلاط؛ حيث إن الكثير من علماء الدين يحرمونه؛ مما استدعاني للبحث عن وظيفة أخرى، والحمد لله سهل لي ربي ذلك وبنفس الراتب، ولكن سأفقد المميزات الإدارية التي حصلت عليها.
وأنا الآن في حيرة من أمري، هل أترك عملي وما وصلت إليه من تميز وتفوق، أم أريح ضميري، وأؤمن بأن الله سيعوضني خيرا؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يرزقك العلم النافع، والعمل الصالح.
فإنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، والنجاح لا يتجزأ، وسوف تظهر ملكاتك وقدراتك في مهنتك الجديدة، والسلامة لا يعدلها شيء، وإذا كان العائد المادي متساويا فلا تبكي على المميزات المعنوية، التي هي في الحقيقة أعباء ومسؤوليات.
وكم نحن سعداء بحرصك على وضع حدود في تعاملك مع الرجال، ورعايتك للضوابط الشرعية، وليت كل فتاة تفعل ذلك حتى تجبر الجميع على احترامها.
ولا يخفى عليك أن المهام الإدارية لها آثارها على الإنسان، وقد تكون تلك الآثار ضارة بالنسبة للمرأة، التي هي منبع الحنان والعطف، فإن في الإدارة هموم ومشاكل وأزمات تنعكس على الإداريين وتؤثر في حياتهم الخاصة، وكل ذلك ليس في مصلحة الفتاة التي هي في بداية حياتها العملية، وربما الأسرية.
ولا شك أن كل فتاة مسلمة من مصلحتها في الدنيا والدين أن تجد عملا فيه بعد عن الرجال، فإن المرأة لابد أن تتأثر في حال وجودها مع الرجال، والشيطان يستدرج ضحاياه، وهكذا تتجلى في كل يوم تشرق فيه الشمس عظمة هذه الشريعة التي تباعد بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية والاجتماعية، والنفسية التي تترتب على وجود النساء مع الرجال، وقد ثبت أن معظم رواتب الموظفات يذهب في مقابل الزينة واللباس، وأن المرأة التي تعتاد على التعامل مع الرجال تفقد الكثير من أنوثتها وحيائها وذلك أغلى ما عند المرأة، كما أن الشكوك تظل تطارد زوجها عندما يتذكر ضحكها مع الزملاء ومحادثتها للمراجعين.
وإذا وجدت المرأة فرصة عمل تحفظ فيها دينها، وتشارك في بناء بلدها وخدمة أمتها، فحق لها أن تحمد الله على نعمة العافية.
وفي الختام وصيتي لك بتقوى الله ونحن فخورون بفتاة تحرص على دينها، وتفكر في هجران المميزات لتنال رضى رب الأرض والسماوات، وأكرر كل ما بدأت به، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فأشغلي نفسك بطاعة الله، وعمري حياتك بذكر الله، وأخلصي في عملك لله.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.