تعلقي بمعلمتي يشتت تفكيري ويشغلني عن دراستي، فما توجيهكم؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي سؤال حول موقف من حياتي لم أفهمه، ولا أزال أجد صعوبة في التعامل معه، وقد أثر علي نفسيا.

انتقلت إلى مدرسة جديدة لأكمل آخر سنتين من رحلتي المدرسية، وقد من الله علي بالاستقامة -الحمد لله-، وخلال العطلة المدرسية، بدأت بتعلم أحكام التجويد من تلقاء نفسي، عبر مقاطع اليوتيوب دون معلم، وبفضل الله أتقنته إلى حد جيد، ثم سمعت عن معلمة في مركز لتحفيظ القرآن، فذهبت إليها لأختبر مستواي، ففرحت بي كثيرا، وتابعت معي حتى أخذت الإجازة في تلاوة القرآن الكريم.

كنت أشارك في الإذاعة المدرسية، وأقرأ القرآن أمام الطالبات، وأنصح زميلاتي، وشاركت في مسابقة مدرسية لحفظ القرآن الكريم، وحصلت على المركز الأول -الحمد لله-؛ كنت محبوبة جدا بين معلماتي، والأمر الذي حيرني أن إحدى المعلمات كانت تظهر لي محبة خاصة، وكانت معجبة بي كثيرا، وتثني علي كثيرا أمام المعلمات.

وأنا أعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المدح والثناء، فكنت أدعو الله أن لا يؤثر ذلك في قلبي، وألا يفسد نيتي، كانت المعلمة تركز علي كثيرا أثناء الحصة، وكان ذلك يشعرني بالتوتر، لأنها كانت تعاملني بطريقة مختلفة عن بقية الطالبات، ولا ترفض لي طلبا.

معلمتي إذا رأتني يتغير حالها، ولو كنت موجودة في الحصة لا تستطيع إعطاء الدرس، فأشعر بها وأطلب الخروج، كان الأمر لا يطاق، وكنت أشعر بالاختناق في حصتها، وكل صديقاتي يعلمن أنها إذا رأتني تتغير، وتحب كل من تربطه علاقة بي، حتى أصبحت صديقة لخالتي، وهناك مواقف كثيرة لا أتذكرها.

أصبحت أحبها لاإراديا، وتعلق قلبي بها، ولكني علمت أنه لا يجوز التعلق بغير الله، لذا بدأت في التغيب عن المدرسة في السنة الأخيرة من الثانوية العامة؛ حتى لا أراها، وأخذت دروسا خصوصية، وكنت أفكر فيها كثيرا، وأثر ذلك بشكل كبير على دراستي.

حدثت معي أشياء غريبة، مثل فقدان القدرة على التركيز، وأصبت بالخوف والقلق والتوتر، كان أبي يقرأ علي القرآن طوال الليل ليخفف عني، وفي النهاية حصلت على معدل 90.70 في الفرع العلمي، -والحمد لله على كل حال-، فأرجو أن توجهوني حتى لا أتعرض لمثل هذه المواقف في المستقبل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختنا العزيزة: نشعر بألمك وحيرتك في هذه التجربة التي مررت بها، من المهم أن تعرفي أنك لست وحدك في مواجهة مثل هذه المشاعر، وهذه التجربة هي جزء من مسيرة الإنسان في التعلم والنمو.

أولا: دعينا نلقي نظرة على ما حدث، من الواضح أنك كنت مجتهدة في عبادتك ودراستك، وكان الله قد من عليك بنعمة حب القرآن والالتزام، عندما انتقلت إلى المدرسة الجديدة، ووجدت تلك المعلمة التي أعجبت بك كثيرا وأظهرت اهتماما غير عادي، كانت هذه المشاعر جديدة بالنسبة لك، مع مرور الوقت تحول هذا الإعجاب المتبادل إلى نوع من التعلق، الذي أصبح يزعجك ويرهقك نفسيا.

التعلق بشخص معين، سواء كان معلما أو شخصا آخر، يمكن أن يحدث لأي شخص في بعض الأحيان، يكون هناك شعور بالراحة والتقدير من شخص آخر، قد يؤدي إلى شعور بالانجذاب أو التعلق، ومع ذلك عندما يتجاوز هذا التعلق حدوده الطبيعية، يمكن أن يصبح مصدرا للقلق والتوتر، وهذا ما حدث معك.

القلق، التوتر، وعدم القدرة على التركيز، هي علامات على أن هذا التعلق بدأ يؤثر سلبا على صحتك النفسية، هذه الأعراض ليست مألوفة، عندما يكون هناك صراع داخلي بين الرغبة في الابتعاد عن هذا التعلق، والشعور بالراحة والأمان الذي يوفره هذا الشخص.

إليك بعض الإرشادات:
1. أول خطوة في معالجة أي مشكلة: هي الاعتراف بها وفهمها، من المهم أن تعترفي لنفسك بأن هذه المشاعر كانت حقيقية، لكن أيضا تذكري أنها كانت نتيجة لظروف معينة، وليست بالضرورة تعبيرا عن واقع ثابت.

2. هذه السنة هي آخر سنة لك في المدرسة -كما ذكرت-، فالأفضل أن توجهي نفسك بالانشغال بدراستك في الجامعة، وتعلم القرآن، والاهتمام بعلوم القرآن الأخرى، كالقراءات والتفسير، وكلها متوفرة على الإنترنت، لأن المشكلة كلها في وجودك في نفس المدرسة التي فيها المعلمة، وبمجرد الانخراط في واقع جديد ستنسين كل شيء -إن شاء الله-.

3. أنت بالفعل مدركة لأهمية التعلق بالله فقط، وهذا شيء عظيم، استمري في تعزيز علاقتك بالله من خلال الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، وتذكري دائما أن كل شيء يحدث بقدر الله وله حكمته.

4. حاولي إيجاد توازن في حياتك بين العبادة، الدراسة، والعلاقات الاجتماعية، هذا يساعدك على ألا تضعي كل مشاعرك واهتماماتك في شخص واحد، أو في جانب واحد من حياتك.

5. ربما تحتاجين إلى إعادة تقييم أهدافك وتطلعاتك، سواء في الدراسة أو العلاقات، التركيز على ما هو مهم حقا سيساعدك على المضي قدما.

تذكري أن التجارب التي نمر بها، مهما كانت صعبة، تحمل في طياتها دروسا وحكمة، ما مررت به يمكن أن يكون فرصة للتعلم والنمو، وتوجيهك نحو تطوير علاقات أكثر توازنا وصحة، والقرب من الله.

لا تجعلي هذا الموضوع يسيطر على جل تفكيرك، وإلا فإنك ستهملين جوانب أخرى، ركزي في المستقبل، ورسم خطة للنجاح، وذلك عبر التركيز على الدراسة الذاتية والتعلم، وستجدين -إن شاء الله- أن الأمور تحسنت.

نسأل الله أن يمنحك القوة والراحة النفسية، وأن يرشدك إلى الصواب دائما.

وفقك الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات