أيهما أنفع لعلاج الوساوس: العلاج الدوائي أم السلوكي؟

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم مرة أخرى على النصائح التي تقدمونها لي، أريد إخباركم ببعض الأشياء، وأتمنى مساعدتي، عرضت نصائحكم لأمي حول ما يتعلق بالوسواس، ورفضت أن أتناول الأدوية النفسية، أو أذهب إلى الطبيب النفسي، رغم محاولاتي العديدة في إقناعها.

الحمد لله وسواس الوضوء قل لدي، ولا أقضي وقتا طويلا في الحمام للوضوء، لكن ما زالت هناك وساوس أخرى، وأكثر ما يزعجني هو وسواس الكفر.

لا أعلم لماذا اشتد الوسواس بشكل كبير! تأتيني عدة أفكار من سب واستهزاء، والعديد من الشكوك حول الذات الإلهية، أو الإسلام، وأخاف أن تكون هذه الأفكار منبعثة مني، أعلم أن الوساوس من الشيطان، ولكن أخاف أن يكون ذلك صادرا مني، ففي الكثير من الوقت تراودني أفكار حول الإيمان بالقضاء والقدر، وتأتيني شبهات في عقلي، -لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم-.

أنا حرفيا متعبة ومتوترة هذه الأيام، وربما تصابون بالصدمة من عدد المرات التي أنطق فيها الشهادتين في اليوم الواحد، من 50 إلى 100 مرة يوميا، أنا لا أريد أن أكون كافرة أو مشركة، أريد أن أكون مؤمنة ومسلمة وصالحة، فأنا أخاف حقا من الكفر والشرك.

دائما أردد في نفسي: أعلم أن كل شيء مكتوب ومقدر عند الله، فقط كي لا أسترسل مع هذه الوساوس كثيرا وأتجاهلها، أريد أن أسألكم الآن، هل عدم تناول الأدوية سوف يزيد من حدة الوسواس، أم يكفيني الالتزام بالطرق العلاجية الأخرى؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وصال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية مرة أخرى.

أيتها الفاضلة الكريمة: ما تعانين منه هو وسواس قهري، ولا شك في ذلك، وهي وساوس أفكار، ويعرف أن الوساوس ذات الطابع الديني منتشرة جدا، أو ما يتعلق بالدين هو أحد المكونات الرئيسية للوساوس القهرية، خاصة في مجتمعاتنا.

أيتها الفاضلة الكريمة: الإشكال الأكبر الآن هو أنك تحاورين هذه الوساوس وتناقشينها، هنالك نوع من الاسترسال مع الوساوس، وهذا بالطبع يزيد من حدتها وشدتها، يجب أن تحاولي قدر جهدك أن تحقري الوسواس، وألا تهتمي به مطلقا، وألا تناقشيه أبدا، وأن تصرفي انتباهك عنه تماما، هذا هو العلاج الرئيسي والسلوكي.

ومجرد إرسال هذه الرسائل لنا في إسلام ويب، والتحدث عن طبيعة الوساوس التي تعانين منها، أراه نوعا من الحوار الوسواسي، وهذا في الحقيقة أمر غير مرغوب فيه. نحن نرحب بك ونرحب برسائلك في أي لحظة، لكن تكرار الرسائل يعني أننا قد دخلنا فيما نسميه بالحوار الوسواسي، وهذا حقيقة أحد مسببات استمرار الوسواس، لذا يجب أن تغلقي الأبواب أمام الوساوس تماما.

العلاج الدوائي في حالتك مهم وضروري جدا، والوساوس الكفرية على وجه الخصوص تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدا.

أنا لا أقول: إنه من المستحيل علاج الحالة بدون دواء، فالإجراءات السلوكية التي تحدثنا عنها تفيد وتساعد بصورة ممتازة جدا، لكن قطعا الدواء -بإذن الله تعالى- فيه شفاء؛ وذلك لأن المكون الكيميائي البيولوجي المتعلق بالموصلات العصبية الدماغية، والذي ينشأ من خللها استمرار الوساوس؛ هذه لا بد أن نتصرف معها دوائيا، أن نتصرف معها كيميائيا، أن نعدل هذه المسارات من خلال تناول الأدوية.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا متأكد أن والدتك تريد لك كل خير، لكن -بكل أسف- انتشرت مفاهيم خاطئة جدا حول الطب النفسي والأدوية النفسية بين الناس، مما جعلهم يترددون في الذهاب إلى الأطباء النفسيين، أو تعريض أولادهم وبناتهم إلى أي نوع من العلاجات النفسية، هذا موقف خاطئ جدا -أي موقف الآباء والأمهات من العلاج النفسي-، فالحمد لله تعالى الصحة النفسية قد تطورت، والآن توجد أدوية فعالة جدا لعلاج هذا النوع من الوساوس، وحالتك بسيطة جدا مقارنة بالحالات الأخرى.

أتمنى أن تقتنع -والدتك الفاضلة- بأهمية تناولك للعلاج الدوائي، وسيكون العلاج سليما وغير إدماني، ولن يؤثر على الهرمونات النسائية، وستكون مدته محدودة جدا.

وللفائدة أكثر عن كيفية التعامل مع الوساوس راجعي هذه الاستشارة: (2548509)

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات