السؤال
أنا أم لطفلة عمرها سنة ونصف، ولا أشعر بمشاعر الأمومة تجاهها دائما، أحيانا لا أحزن إذا أصابت نفسها، ولكن بالتأكيد تكون إصابات خفيفة، وأحيانا أخرى أحزن إذا أصابها شيء، لدي تناقض في مشاعري تجاهها، ولا أدري السبب، أحيانا أشعر بالحب الشديد تجاهها، وأحيانا أخرى لا أشعر بشيء.
أعاملها بقسوة عندما لا تستجيب لي، فأصرخ عليها رغم علمي بأنها طفلة صغيرة لا تفهم في هذا العمر! أحاول جاهدة أن أتعامل معها بلطف وأن آخذ الشيء من يدها عندما تنهيه، ولكن لا أنجح، حيث أجد نفسي تلقائيا أصرخ عليها.
حاولت مرارا أن أصلح علاقتنا، لكني لم أنجح، أحيانا أشعر بالنفور منها عندما تزعجني بشدة، فأحاول تجنبها وأدفعها بعيدا عني، أدرك أنها طفلة، وتحتاج إلى الحنان والمعاملة اللطيفة، وأحاول ذلك، لكني لا أستطيع النجاح دائما، لا أشعر بالحب تجاهها دائما، فقط في بعض الأحيان عندما تأتي من تلقاء نفسها وتضع نفسها في حضني، أو عندما تكون نفسيتي جيدة.
هذا الوضع يحزنني كثيرا، فأنا لا أعرف كيفية التعامل معها بشكل صحيح، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ alaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال الذي شرحت فيه التناقض، أو تعارض عواطفك تجاه طفلتك التي تبلغ من العمر سنة ونصفا.
طبعا لا تحتاجين مني أن أذكرك كما ورد في سؤالك، أنها طفلة صغيرة لا تدرك، وهي بحاجة إلى رعايتك، وحنانك، وعطفك، وهدوئك أيضا.
السؤال هنا -أختي الفاضلة- لتفسير ما تشعرين به: هل كان حملك بهذه الطفلة وولادتها طبيعيا؟ وهل وضعتها على صدرك فور ولادتها، كما هي الإجراءات المتبعة حاليا في المشافي؟ بناء على أبحاث وجد أن تعلق الأم بطفلها وبوليدها مباشرة فور الولادة، يمكن أن يقوي الرابط والعلاقة بين الأم والطفل، فهل هذا قد حصل؟ أي أنك تعلقت بها فور ولادتها؟ أم أنها أخذت إلى مكان آخر لتنظف من قبل الممرضات أو القابلة أو غير ذلك؟ فهذا يمكن أن يفسر شعورك السلبي تجاهها.
هذا احتمال، والاحتمال الثاني: أن عصبيتك وتوترك وصراخك عليها، إنما هو انعكاس لظروف صعبة تعيشينها في حياتك الخاصة، سواء داخل الأسرة أو خارجها.
طبعا -أختي الفاضلة- إذا كان هذا هو الحال، فعليك أن تفصلي بين الصعوبات التي تعيشينها -سواء داخل الأسرة أو خارجها- وبين رعايتك لهذه الطفلة الصغيرة.
وأذكرك أيضا بالمضاعفات النفسية التي يمكن أن تنشأ في طفلتك عندما تكبر، بسبب تعاملك المتناقض بين شيء من الرعاية والحنان، وبين العصبية والصراخ عليها، فكل هذا يمكن أن يسبب عندها في المستقبل القلق والتوتر وضعف الثقة في نفسها.
أختي الفاضلة: كونك كتبت إلينا بهذا السؤال، فهذا دليل على أنك راغبة وحريصة على تغيير طريقتك في التعامل مع طفلتك هذه، وهذا أمر جيد، ولكن علينا أن نغير في سلوكنا ونهدئ من أعصابنا عندما نتعامل مع الطفل الصغير.
أنصحك بالقراءة حول هذا الأمر، وسماع الدورات التي تزيد من مستوى الرعاية لديك، وتعلم معنى الأمومة والوالدية، فكثير من الأشياء التي نجهلها يمكننا أن نتعلمها، ونطور مهاراتنا فيها، لا يكفيك مجرد الاعتراف بأن لديك مشكلة، بل يجب عليك القيام بواجبك نحوها، فبنيتك الصغيرة -حفظها الله- أجمل أمانة استودعك الله إياها، فلا تفرطي في هذه الأمانة، ولا تفشلي في أهم واجب كلفت به، فالله عز وجل سيسألك عن هذه الأمانة، قال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها).
أدعو الله تعالى أن ينزل عليك سكينته، وهنا أدعوك أيضا إلى أن تمارسي تمارين الاسترخاء، والمحافظة على الصلاة، وتلاوة القرآن والدعاء، بالإضافة إلى ممارسة الهوايات المناسبة، والحرص كل الحرص على أن تنامي ساعات مناسبة؛ فكل هذا يمكن أن ينعكس عليك بالهدوء والسكينة، لتعطي طفلتك، وتعطي نفسك الهدوء والسكينة والراحة التي أنتما في حاجة إليها.
والله الموفق.