كيف أكسب سعة الرزق، وأحقق أحلامي وأمنياتي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السادة الأفاضل في موقع إسلام ويب، جزاكم الله خيرا على جهودكم، كتب الله أجركم.

لدي فضفضة أخشى أن تدخل في باب الجزع وعدم الصبر، وسوء الأدب مع الخالق، ولكن الموضوع أقلق فكري لفترة طويلة من الزمن.

أنا فتاة في الخامسة والثلاثين من عمري، تخرجت قبل 12 عاما، لم أوفق في عمل يدر علي دخلا ثابتا إلا بعد 9 أعوام من تخرجي، ودام فقط لمدة عامين، ثم انقطع رزقي، وها أنا اليوم بدون عمل أو دخل، مع العلم أني أسعى كثيرا، وآمل أن أجتاز المقابلات، ومع ذلك لم يتم توظيفي، مع أن الكل يشهد بذكائي وأخلاقي، وهذه الأشياء تجعلني أفكر: لماذا أنا قليلة الرزق والحظ؟

لقد كنت آخر من توظف من إخوتي؛ فكل إخوتي الأصغر مني حصلوا على وظائف، بينما أنا لا، وأقارن حالي بمن حولي، فهل أنا قليلة الحظ في الدنيا، أم أن رزقي تأخر بسبب ذنوبي؟

هذه الأفكار تقلقني كثيرا، وكثيرا ما أجتاز المقابلات، ويزيد أملي بأنني سآخذ فرصتي، فأعود خالية الوفاض، وأتلقى شفقة الآخرين، لماذا أنا في هذا العمر ولا أملك مصدر دخل، وليس لدي أسرة، وكيف سيكون وضعي عندما أتقدم في العمر؟ هل سأظل أعتمد على عائلتي لتسد حاجاتي؟

لقد وصلت لمرحلة أني فقدت الشغف، ولم أعد أقدم على الوظائف؛ لأني أعرف المحصلة، لقد نفدت مني الحلول، أخبروني: لماذا منع عني الرزق؟ مع العلم أنا لا أفعل الكبائر، فقط اللمم.

هنالك شيء يصبرني، ويعيد لي روحي المعنوية، وهي أن الله رزقني طريق حفظ القرآن، فأنا الآن أحفظ 15 جزءا، وماضية في دربي، أظن أن هذا أعظم رزق قد يرزقه المرء، فالحمد لله على نعم الله ظاهرها وباطنها.

فكيف أسأل الله أن يوسع في رزقي، ويجعل أحلامي حقيقة؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نبدأ من حيث انتهيت، فنهنئك أولا بما تفضل الله به عليك، وفتحه عليك من أبواب الخير، ورزقك حفظ هذا المقدار الكبير من كتاب الله تعالى، وقد صدقت ووفقت للصواب حين أدركت أن هذا أعظم رزق يرزقه الله تعالى الإنسان في هذه الحياة؛ فإن نعمة الدين أعظم النعم على الإطلاق، كما قال الله سبحانه وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}.

وحفظ القرآن الكريم من أعظم الأرزاق؛ فإن حافظه يعلو به في الدنيا والآخرة، والله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين، كما جاء في الحديث، وفي الجنة يقال لقارئ القرآن: (اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)، وأهل القرآن الذين يحفظونه، ويتعلمونه، ويعملون بما فيه هم أهل الله تعالى وخاصته، يعني: المقربون إلى الله سبحانه وتعالى، المختصون بالقرب منه، وهذه منزلة عظيمة، للذي يدرك فضل الله تعالى عليه، بأن جعله من أهل القرآن.

وأما الدنيا فإن الله سبحانه وتعالى قسم فيها الأرزاق، وقدر فيها المقادير بحكم بالغة، فله سبحانه وتعالى الحكمة الباهرة، والحجة البالغة، ومن أعظم حكمه سبحانه وتعالى في تضييقه الرزق على بعض العباد، أنه سبحانه يريد أن يلجئهم إلى الارتباط به، والإكثار من التضرع بين يديه، والشعور بالفقر إليه، وكثرة الابتهال إليه، فيظل القلب معلقا بالله تعالى، كثير الذكر، كثير الدعاء، شاعرا بالاضطرار والحاجة إلى الله تعالى، بخلاف لو بسط له الرزق، فإنه يلهو، ويلعب، وينصرف إلى هذه الحياة.

فقد يكون التضييق في الرزق خيرا كبيرا لهذا الإنسان؛ لما يترتب عليه من المنافع والمصالح التي ما كانت لتحصل لو وسع له في رزقه.

فكوني على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى حكيم، وأنه مع هذه الحكمة لطيف، رحيم، {الله لطيف بعباده} كما قال في كتابه الكريم، وقال سبحانه: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء}، فهو سبحانه وتعالى يصرف أمور عباده بمقتضى الحكمة والرحمة واللطف، وهو أعلم سبحانه وتعالى بمصالحنا، وإن كرهنا بعض هذه الأقدار، فقد قال الله: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

ثم اعلمي -ابنتنا الكريمة- أن الفرج يأتي حين تضيق بالإنسان السبل، وينقطع رجاؤه وطمعه من كل شيء إلا الله، ففي هذه الحالة يأتيه الفرج؛ لأنه قد تحقق وحصل المقصود من هذه الأقدار، وهو التوجه بكامل قلبه إلى الله تعالى، وقطع الطمع فيمن سواه، فاستمري على ما أنت عليه من التعلق بالله، وكثرة الدعاء له، وكثرة الاستغفار.

وللرزق أسباب ينبغي أن تأخذي بها، ومن أخذك بالأسباب المادية هو البحث عن الوظيفة، فلا تنقطعي عن ذلك، وهناك أسباب أخرى، أولها تقوى الله؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}، والتقوى تعني: اجتناب المحرمات، وفعل الواجبات، ومنها الاعتناء بصلة الرحم، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه).

وأكثري من الصدقات بقدر استطاعتك، ولو بالشيء اليسير، والكلمة الطيبة صدقة، وتعليم العلم النافع صدقة، وأكثري من الدعاء، فقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأمة كيف تدعو برزقها، ومن ذلك أنه سن لنا أن نقول في كل صباح ومساء: (اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا)، وفي صحيح مسلم أنه علم رجلا جاء يسأله كيف يدعو ربه، فقال: (قل: اللهم اغفر لي وارحمني، وعافني، وارزقني) ثم قال: (فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك).

فهذه أسباب معنوية، بجانب الأسباب المادية التي ينبغي أن تحرصي عليها، فعلقي قلبك بالله، واعلمي أن الخير قادم -بإذن الله تعالى- وأن المستقبل أفضل، وأن ما يقدره الله تعالى لك هو الخير، وإن كان مكروها للنفس.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يسوق لك رزقا حلالا واسعا، ويبلغك من الآمال ما يرضيه، ويكتب لك السعادة في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات