رفض أبنائي مساعدتي في سداد ديوني التي استدنتها لأجلهم!

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة، حاولت أن أكون مسؤولة عن أبنائي الأربعة؛ لأن زوجي لا ينفق عليهم، فربيتهم وعلمتهم وزوجتهم، وبقي الصغير عندي ويريد التعليم، ولكن أبنائي رفضوا المساعدة، ورفضوا تسديد ديوني المتراكمة لأجلهم!

عملت في كل عمل لكي يعيشوا حياة كريمة، واستدنت لأجلهم، والآن لم أعد أستطيع العمل لكبر سني ومرضي، وما كان ردهم علي إلا أن قالوا: هذه هي ديونك، وأنت من يجب عليك سدادها للناس!

أصبحوا لا يعطونني أي مال، وأبوهم مريض وبحاجة لكل شيء.

سؤالي: هل ما يفعله أبنائي معي يعتبر عقوقا منهم، أم بسبب أخذي للقروض -التي ندمت عليها- وحرمتها على بيتي؟

أدعو لأبنائي بالهداية، ولكن قلبي غير راض عن أعمالهم، وهم غير موفقين بمالهم رغم أنهم يستلمون رواتب عالية!

أفيدوني -جزاكم الله خيرا-، ماذا أفعل لكيلا يكتبوا عند الله عاقين؟ فأنا أخاف عليهم من عذاب الله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يامن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن يصلح أولادك ويردهم إلى الحق ردا جميلا، وأن يكتب لهم الهداية.

ثانيا: نوصيك -أختنا الكريمة- بأن لا تقطعي أملك وطمعك ورجاءك في أن يصلحهم الله، فإن الله تعالى على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فخذي بالأسباب التي تؤدي إلى هذا المقدور المحبوب.

ثالثا: هذه الأسباب للهداية والصلاح للأبناء ينبغي الحرص عليها:
أول الأسباب: الدعاء، والتوجه إلى الله تعالى بصدق واضطرار أن يهديهم ويرشدهم، ويقيهم شرور أنفسهم.

وثاني الأسباب: الوعظ والتذكير والنصح، فاستعيني بكل ما يمكن الاستعانة به من الوسائل المؤثرة، كنصيحة من صديق أو قريب يتأثر به الولد، أو إسماعه بعض المواعظ التي تذكره بالنار والجنة ولقاء الله تعالى.

وثالث الأسباب: التهديد بالسلطة والرجوع إلى القضاء الشرعي ونحو ذلك من وسائل الضغط؛ إذا رأيت أن ذلك يؤثر عليهم، وقد قال أمير المؤمنين عثمان -رضي الله تعالى عنه-: لما يزع ‌السلطان ‌الناس ‌أشد مما يزعهم القرآن، أي أن السلطة والقضاء قد يكون رادعا للناس عن ظلمهم وجرائمهم، أشد من ردع المواعظ والتذكير والنصح.

خذي بهذه الأسباب، وعلقي قلبك بالله، ولا تيأسي؛ فإن الله تعالى على كل شيء قدير.

وأما عن سؤالك: وهل هذا عقوق منهم أو لا؟
فنعم، امتناعهم عن الإنفاق على الوالدين مع حاجة الوالدين للإنفاق جريمة كبيرة وعقوق عظيم، وهم متعرضون بذلك لسخط الله تعالى، ولذلك نوصيك بالتعامل معهم بالمسامحة والعفو، حتى لا يصيبهم غضب الله تعالى بسبب غضبك، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد).

فحاولي أن تلتمسي لهم الأعذار من كونهم جهالا، لا يعرفون ماذا تعني عقوبة الله تعالى وماذا يعني غضب الله عز وجل، وانهماكهم في الدنيا، ونحو ذلك من المبررات التي قد تخفف عنك ضغط هذا الجرم الكبير الذي يفعلونه، وأكثري من الدعاء لهم، وإذا سامحتهم فلعل الله تعالى أن يسامحهم.

أما أخذك للقروض؛ فإن كنت قد أخذتها ونيتك أداء هذه القروض ورد المال إلى أهله؛ فأبشري بأداء الله تعالى عنك، لو لم يؤده أحد من أولادك؛ فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)، وهذا كله بشرط ألا تكوني قادرة على سداد هذه الديون، ولا يلزم الأولاد أن يسددوا هذه الديون إلا الديون التي عليك بسبب النفقة؛ فإنها حق عليهم، إذا كنت قد استدنت وفي نيتك الرجوع والمطالبة لهم بسداد هذه الديون، أما ما عدا ذلك فإنه لا يلزمهم سد هذا الدين، وإن كان في سداد الدين عن الوالدين أجر عظيم وقربة كبيرة، فهي من أجل الصدقات وأعظم القربات.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلحهم ويردهم إلى الحق ردا جميلا.

مواد ذات صلة

الاستشارات