السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب في الصف الأول ثانوي، وعمري 17-18 سنة، وأنا أعاني من الوسواس القهري في العبادات، مثل: الوضوء، الصلاة، الغسل، وكثرة نزول المذي، إلا إذا تركت الصلاة، فإن نزول المذي يتوقف، وبعد الصلاة أشم رائحته، وأعاني من وسواس النجاسة، مع وسواس الموت، وقد قل هذه الفترة؛ لأني تعودت عليه؛ لتكرره، فتعودت على الأعراض.
أنا في الصومال، ولا يوحد طبيب نفسي أبدا في الصومال؛ لأن الدولة قد خرجت من حرب أهلية للتو، ولم يمض منها إلا نيف وثلاثون سنة، وآثارها لا تزال باقية.
أريد أن أسألكم عن الأدوية المناسبة لعمري، والكمية المناسبة، فقد سمعت عن: البروزاك، والفلوكسمين، والفافرين وغيره، ولكني أخاف أن أتناولها دون إشراف الطببب، وطالما أنه لا يوجد طبيب نفسي، فإني أريد استشارتكم على الأقل لعلاج الوسواس، والذي بدأ معي في منتصف عام 2023.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
لاحظت -أخي الكريم- أنك قد تقدمت باستشارة سابقة، أجاب عليها الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي، وحقيقة ما ذكره لك الدكتور يجب أن تأخذه نصا وتفصيلا؛ فهي إجابة رائعة، تحمل نصائح مهمة وعظيمة، يجب أن تتخذها طريقا ودربا ومنهجا لحياتك.
أما بالنسبة لسؤالك الآن عن علاج الوسواس القهري -خاصة العلاج الدوائي-، فأولا أطمئنك أن الوساوس القهرية -خاصة الوساوس الفكرية- في مرحلتك العمرية كثيرة، وفي ذات الوقت تكون عابرة؛ بمعنى أنها سوف تختفي -إن شاء الله تعالى-، وبأقل مجهود، من خلال تحقير الوسواس، ورفضه، وعدم اتباعه، وصرف الانتباه عنه، وهذا علاج سلوكي بسيط جدا.
والإنسان إذا بدأ في تحقير الوسواس، ولم يخض في تحليله، أو حواره، أو مناقشته، أو الدخول في تفاصيله، فإن هذا في حد ذاته يعتبر علاجا ضروريا وأساسيا، فأرجو أن تتبع هذا المنهج، وفي ذات الوقت أيضا يجب أن تدير وقتك بصورة فعالة وممتازة وناجحة، من أجل أن تتجنب الفراغ؛ لأن الفراغ الزمني أو الفراغ الذهني كلاهما يؤديان إلى ظهور الوساوس عند الإنسان، لكن الإنسان الذي يشغل نفسه بمعالي الأمور، ويدير وقته بصورة صحيحة، وينشغل بدراسته، قطعا لن تجد الوساوس مجالا لتؤثر عليه.
فاجعل هذا منهجك: نظم وقتك، اجتهد في دراستك، من الواضح -بحمد الله وفضله- أنك ملتزم بالصلاة وتلاوة القرآن، ونسأل الله تعالى أن يزيدك في ذلك، وأن يثبتك، وأن يتقبل منك.
أنصحك بممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي، وبر الوالدين يجب أن يأخذ حيزا مهما في تفكيرك، وأحسب أنك -إن شاء الله تعالى- على هذا الطريق.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك: أبشر، لا يوجد أي إشكال حقيقي في تناول الأدوية، الأدوية سليمة وفعالة، و-إن شاء الله تعالى- هي متوفرة حتى في الصومال، وأعلم أنها متوفرة، وهنالك عدة شركات أصبحت الآن تنتج هذه الأدوية، وليس من الضروري أبدا أن يلتزم الإنسان بالحصول على الدواء من الشركة الأم، أو الشركة صاحبة البراءة.
البروزاك -وهو الفلوكستين- سيكون دواء ممتازا لك، تبدأ في تناول كبسولة واحدة يوميا، وقوة الكبسولة 20 ملجم، استمر عليها لمدة شهر، يفضل أن تتناوله في النهار؛ لأنه يزيد من اليقظة نسبيا، مما يعني أن الإنسان إذا تناوله ليلا قد يؤدي إلى ضعف في النوم، يفضل أيضا أخذه بعد تناول الطعام، وبعد انقضاء شهر وأنت مستمر في تناوله اجعل الجرعة كبسولتين، أي 40 ملجم يوميا، ومن وجهة نظري هذه سوف تكون جرعة علاجية كافية جدا في حالتك.
استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي أن تتناول كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدا، وبعد ذلك اجعل الجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
إذا هذه هي الطريقة الأمثل لعلاج هذه الوساوس، ومن المهم جدا ألا تستكين للوسواس، ولا تتبع الوسواس، ولا تجعله جزءا من حياتك أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.