السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابة أبلغ من العمر 33 سنة، -الحمد لله- محافظة على فروضي، وأحاول الانتظام على الأذكار، وقراءة القرآن، والقيام.
أنا مخطوبة منذ سنتين، ولكن منذ قراءة الفاتحة وحتى الآن لا أتقدم خطوة نحو الزواج لظروفي المادية، وخطيبي تتراكم عليه الديون، وترك عمله لأكثر من مرة، وأغلق مشروعه الذي قام بإنشائه، ولكن -والحمد لله- من الله عليه بعمل براتب ضعيف، أسأل الله أن يبارك له فيه.
سؤالي: هل ما أمر فيه بسبب سحر التعطيل؟ لأني كنت مخطوبة منذ 4 سنوات ومررت بنفس الظروف جميعها، وفسخت خطبتي، وفتح الله بعدها على خاطبي السابق، فهل هذا له علاقة بي؟
لقد تركت وظيفتي، وحاليا أنا دون عمل منذ 3 سنوات، ولا أستطيع أن أجهز لزواجي، لأنه يتطلب مني ذلك؛ لأني مصرية، وعاداتنا تتطلب ذلك.
لقد قرأت الرقية الشرعية أكثر من مرة، وفي كل مرة تحدث العديد من المشاكل في المنزل، وأشعر بتعب جسدي، ولا يمر يوم إلا وأشتكي من تعب أو مرض، ودائما أشعر بصداع في الجانب الأيمن أو الأيسر أو في مقدمة رأسي، مع ألم بأسفل الظهر ووسطه.
أخشى أن أتبع شيطاني -والعياذ بالله-، وأن أوهم بالسحر وغيره، ولكن حياتي متوقفة منذ 4 سنوات، والتقدم فيها بطيء بشكل محزن، ودائما أشعر بالخوف، والفزع، والحزن، وضيق الصدر.
أفيدوني أرجوكم، هل هذه أعراض لشيء معين أم ماذا؟
وجزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل شر ومكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وييسر أمورك كلها، ويسخر لك الأسباب.
ثانيا: نود أن نطمئنك -ابنتنا الكريمة- ونذكرك بأن الأقدار قد كتبها الله تعالى قبل أن نخرج إلى هذه الدنيا، فأريحي نفسك واهدئي واطمئني، واشرحي صدرك بمواساة الله تعالى لكل إنسان بقوله سبحانه وتعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ۚ إن ذٰلك على الله يسير (22) لكيلا تأسوا علىٰ ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم )، ففي هاتين الآيتين يخبرنا الله سبحانه وتعالى بكتابته للأقدار قبل خلقنا، وأن الفائدة من هذا الإخبار ألا نحزن ولا نأسى إذا فاتنا شيء أو أصابتنا مصيبة.
فكل شيء قد كتب وفرغ منه، وما قد كتبه الله لا بد وأن يقع، إلا أن الله تعالى يهيئ الأسباب بهذه الأقدار، فكل شيء بقضاء الله تعالى وقدره، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيح: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس)، يعني كل موقف يقفه الإنسان سواء كان فيها ذكاء وحسن تدبير، أو كانت مواقف فيها سوء تدبير أو نحو ذلك، كل ذلك من تقدير الله تعالى وتهيئته الأسباب للمقادير التي قد كتبها قبل.
فإذا آمن الإنسان بهذه العقيدة القرآنية، أراح نفسه من هم الحسرات، وآلام الندم، وأيقن أن الأمور كلها بيد الله، وفوض الأمور إلى الله تعالى، ويسأله سبحانه وتعالى أن ييسر له الأسباب، ويسعى بعد ذلك في الأخذ بالأسباب.
ثالثا: ننصحك بأن تأخذي بالأسباب التي شرعها الله تعالى للوصول إلى الأقدار المحبوبة، وهذا دورك في هذه الحياة، أما ما عدا ذلك فكله بيد الله، والله تعالى يقدر ما فيه الخير للإنسان، وإن كان هذا الإنسان قد يكره بعض المقدورات وبعض الأمور التي تنزل به، فقد قال الله تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
فدوره في هذه الحياة أن يأخذ بالأسباب فقط، موقنا معتقدا أنها أسباب وأن الأمر كله بيد الله، يصرفه كيف يشاء، فيفوض أمره إلى الله، وإذا فعل ذلك هدأ قلبه واطمئن واستراح، فلا تقلقي كثيرا لهذه الأوهام التي تعانين منها، أو أنك مصابة بالسحر أو غير ذلك، فهذه أمور ليس عليها برهان، ولا دليل، ولكن من الأسباب الصحيحة المشروعة أن ترقي نفسك بنفسك.
ولو استعنت بمن يحسن الرقية الشرعية من الثقات المأمونين الذين لا يعرفون بمخالفة السنة ومن باب أولى بالدجل والكذب والشعوذة، فهذا أمر جائز، والرقية تنفع -بإذن الله تعالى- مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به، فهي مجرد أذكار وأدعية، لكن لا تستسلمي لهذه الأوهام، فإنها لا تزيدك إلا حزنا وأسى ووهنا وضعفا.
واعلمي أن الله سبحانه وتعالى قد يبتلي الإنسان ببعض الأقدار المكروهة والمصائب لحكم أخرى، الله تعالى يكفر الذنوب بالمصائب ويرفع الدرجات، ويربط قلب الإنسان بربه، بكثرة دعائه، والافتقار إليه، والشعور بالحاجة إلى الله تعالى، ونحو ذلك من الحكم الكثيرة التي يقدرها الله والتي يريدها الله تعالى من وراء هذه الأقدار، فله في كل شيء حكمة. فننصحك بتقوى الله تعالى، والتقوى معناها: فعل الفرائض، واجتناب المحرمات، ننصحك باللجوء إلى الله تعالى وكثرة دعائه، فإن كل شيء بيده، فأكثري من دعائه بيقين أنه قادر على أن يعطيك، وأنه سيعطيك، وأنه كريم.
حاولي أن تأخذي بالأسباب المشروعة لعمل مباح جائز، يتناسب معك، فإذا فعلت ما بيدك من الأسباب، فاعلمي أن كل شيء بيد الله، وأنه يقدره سبحانه وتعالى بقدر إلى أجل، وأنه في تقديره للأمور وتصريفه لها بر بعباده، رحيم بهم، كما قال الله -عز وجل-: (الله لطيف بعباده).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.