الانطواء والعزلة سرى إلى أبنائي بسببي فما توجيهكم؟

0 14

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
منذ صغري وأنا أعاني من الصمت، وعندما دخلت المدرسة كنت لا أتكلم ولا أتحرك من مكاني، ولا ألعب مع البقية، ولا أشارك في الفصل، وإذا سألتني المعلمة سؤالا إن كنت أعرف أم لا؛ لا أجيب، وكنت أحب أن أفعل كل هذا، لكن لا أستطيع، وفي المنزل أكون طبيعية، إلى أن دخلت الجامعة وأنا على هذه الحالة، وعندما كان على جميع الطلاب إلقاء خطاب أمام الطلاب، وقفت ورأيت الناس، أصبحت أرى ظلاما، وضحك جميع الطلاب من صمتي ووقوفي بلا حركة، وتشجعت أن أقول، لكن لم أستطع، ثم نزلت! وصفق لي جميع الطلاب عندما أحسوا بحالتي!

وعندما تزوجت سافرت إلى بلد آخر، والتقيت زوجات أصدقاء زوجي، وكن يزرنني، وأنا لا أزورهن، وكنت أخاف أن آتي في وقت غير مناسب، وأشعر بالإحراج، كنت لا أزورهن إلا إذا كانت لديهم مناسبة، وكنت لا أترك أطفالي للعب؛ خوفا من أن يقولوا بأني أتهرب من مسؤولياتي، وانزعجن من تلك التصرفات، وظللت على هذه الحال إلى سبع سنوات، وانتقلت صديقة لظروف ما، وعندما رأت صديقتنا الأخرى أنها انتقلت، قالت لي بكل برود: إنها تريد أن تنتقل معها، ولا تريد البقاء؛ لأني غير متجاوبة معها، وأخاف أن يكون أطفالي مثلي، وبدأ الجميع يلاحظ بأني منعزلة من الناس، وبانعزالي أعزل أطفالي من الناس.

وأخاف من المجتمع في أي قرار أريد اتخاذه، ولدي الكثير من الأفكار أريد أن أنفذها، لكني أخاف، وتمر الشهور، وأظن أن هذا وراثي؛ لأن إخوتي كذلك أيضا!

لقد تعبت من كل ذلك، وأشعر أنه يؤثر على أسرتي كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جميلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا والسؤال، والذي شرحت فيه كيف أنك عانيت في طفولتك وشبابك من الصمت الاختياري الذي يعكس حالة من القلق، والرهاب، وهو في الغالب شيء من الرهاب الاجتماعي؛ لذلك حتى في الجامعة كنت تجدين حرجا من التحدث أمام الآخرين.

أختي الفاضلة: أمام كل هذه المعاناة -وخاصة أنك تخشين أن تؤثري على كامل أسرتك- أمامك طريقان: أولا: طريق التغيير، وثانيا: طريق التكيف.

وأقصد بالتكيف هو أن تحاولي قدر الإمكان أن تتكيفي مع طبيعة شخصيتك هذه؛ فالناس يختلفون في طبيعة شخصيتهم، ولكن أنصحك بأن تلجئي إلى الطريقة الأولى وهو التغيير، نعم التغيير ممكن، قد يكون بطيئا ومتدرجا، إلا أنه ممكن، صحيح -أختي الفاضلة- الوراثة تلعب دورا، إلا أنها ليست بالضرورة ضربا لازما لتستمري على هذا الحال.

فطالما أنك واعية أن عزلتك وانطواءك ربما تجاوز الحد الطبيعي، فأنصحك بأن تعملي على التغيير ولو بشكل متدرج بطيء في هذا، سواء بالنسبة لك أو خاصة بالنسبة لأطفالك، وأنا أنصحك بأن تحاولي أن تفتحي لأطفالك مجالا للقاء بالأطفال الآخرين، ليعتادوا الجرأة، واكتساب المهارات الاجتماعية التي تمكنهم من التواصل المناسب، والاختلاط مع الآخرين.

ما عندي شك أن أطفالك سيتعلمون هذه المهارات من خلال مدارسهم وروضاتهم، فما عليك إلا أن تفتحي لهم المجال لمثل هذا النمو والتطور، وإذا استطعت أن تقومي بكل هذا من نفسك فنعم بها، وإلا فهناك بعض الأدوية كأحد مضادات الاكتئاب والرهاب الاجتماعي، والتي يمكن أن تعينك لتساعدك على هذا التغيير.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، والجرأة لتبدئي بالسير في طريق التغيير، لتصلي إلى ما تطمحين إليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات