كل النساء حولي حوامل إلا أنا!

0 16

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد السؤال عن كل ما يمكن أن يساعدنا على الإنجاب، مع العلم أنه ليس لدينا القدرة المادية لعملية أطفال الأنابيب، والفيتامينات الغالية الثمن.

زوجي فحصه سيئ جدا من جميع النواحي، وأنا مخزوني من البويضات قليل جدا، أعلم أن قدرة الله أعظم، وأن بيده الأسباب كلها، ولكني بدأت أشعر أن الله حرمني الإنجاب؛ لأني لا أستحقه، أو لست أهلا له.

أحاول أن أستمر بالدعاء، ولكن سرعان ما تفتر همتي، بسبب علمي أنه ليس شرطا أن يستجيب الله دعائي، فقد يدخره لي، أو يكون ابتلاء لي، كنت أتجاهل مشاعري أحيانا، وأسيطر عليها أحيانا أخرى، لكن فكرة أن العمر يمضي بي، وفرصي تصبح أقل، تؤلمني جدا، وفكرة أنني أريد أطفالا، وأنا وزوجي بصحتنا، ولسنا على كبر، هذا أيضا يؤلمني.

في الفترة الماضية شعرت أنني في اختبار وابتلاء شديد، فجأة أصبحت كل النساء حولي حوامل، الكل يتحدثن عن الحمل، صديقاتي، وأمي، وأختي، وجارتي، وحتى سلفتي التي كانت في نفس وضعي هي وزوجها، لم أعد قادرة على التحكم بمشاعري، وأصبحت كثيرة البكاء والحزن، ولا أعرف هل هذا اختبار وسيعوضني الله ويرضيني، أم أنه ابتلاء وقدر علي تقبله؟ هل إذا حرمت الذرية في الدنيا سيعوضني الله في الجنة، إذا أكرمنا الله بها؟ وهل هذا مما أثاب على الصبر عليه؟

مع العلم أن المشكلة حاليا من زوجي؛ لأن جميع الأطباء الذين ذهبت إليهم أخبروني أنه ليس هناك مشكلة حاليا لدي في جميع الفحوصات، وحتى المخزون القليل لم يؤثر على عدد البويضات الناضجة وحجمها وصحتها، وهذا خلال الفحص السريري.

أخبروني بكل الأدعية الخاصة بالحمل، وأشيروا علي، ففكرة الانفصال لا تتركني، ولكن لم أستطع الإقدام عليها، ولا أعلم هل سأندم إذا استمررت، أم سأندم إذا انفصلت؟

أعتذر على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ اللؤلؤة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع؛ ونشكر لك الاهتمام وحسن عرض السؤال، ونسأل الرزاق الوهاب أن يرزقك، وأن يعطيك حتى يرضيك، وأن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

المؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، كما قال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن).

نوصيك بكثرة الدعاء، وعدم التوقف عنه، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)، قيل: يا نبي الله، وما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوت، قد دعوت، فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك، ويترك الدعاء)، وهذا ما يفرح به عدونا الشيطان.

والأمر كما أشرت، فأنت فائزة بدعائك ولجوئك إلى الله في كل الأحوال، بل لعل في هذا خيرا عظيما، أن يكون الإنسان دائما خاضعا متوجها إلى الله تبارك وتعالى.

إذا سمعت حولك من رزقن بالأبناء، أو بشرهن الأطباء بظهور حمل، فاعلمي أن نعم الله عليك كثيرة؛ وينبغي للإنسان أن يتأمل نعم الله عليه، ويعرف قدرها، ويشكر الله عليها لينال بشكره لربه المزيد، فاشكري الوهاب الرزاق سبحانه وتعالى، واسأليه من فضله، وأبشري بالخير.

واعلمي أن الدراسات الطبية تطورت، وأن هذا الأمر قد يحتاج أيضا -إذا لم يكن هناك مال- يحتاج إلى نوع من التنظيم، أرجو أن تسترشدي بطبيبة نساء مختصة، لتبين لك أيام التبويض، والأيام المهمة التي ينبغي أن تحرصي فيها على التقارب مع زوجك، منتظرة الأمر من الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإنسان عليه أن يبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

يجب على الإنسان أن يرضى بما قدره الله، قال تعالى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما)، والعلماء قالوا: إن الله قد يهب البعض إناثا وآخرين ذكورا، وقد يجعل من يشاء عقيما، فلا يوجد إنسان عقيم إلا وقد نال خيرات أخرى، مثل حب الناس، أو أن يصبح الجميع كأبنائه، فالإنسان يجب أن يرضى بما قدره الله، والذي يختاره الله لنا ويقدره أفضل مما نختاره لأنفسنا.

لذلك: أتمنى أن لا تتعبي فكرك بهذا الأمر، وعليك بكثرة الاستغفار، والصلاة والسلام على الرسول المختار -صلى الله عليه وسلم-، فالصلاة على النبي فيها مغفرة للذنوب، وذهاب للهموم، أما الاستغفار فهو باب إلى الخيرات، بل هو سبب للرزق بالذرية.

تأملي قوله تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) -ما هي النتائج- (يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين)، فكان السلف إذا أرادوا المال استغفروا الله، وإذا طمعوا في الولد استغفروا الله، وإذا رغبوا في القوة استغفروا الله، الذي يقول: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلىٰ قوتكم ولا تتولوا مجرمين).

وكذلك أيضا أكثري من دعاء زكريا عليه السلام: (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين)، وعليك بالدعاء المباشر، والدعاء لا يحتاج إلى فصاحة، لحاجتك إلى قاضي الحاجات، فاجتهدي دائما مع زوجك في أن تكونوا في معنويات مرتفعة، ورضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، فإن هذا أيضا له علاقة في أن يكون الإنسان مرتاحا وراضيا وسعيدا، يبذل ما عليه ويسأل الله من فضله، هذا من الأمور الأساسية والمهمة.

نسأل الله لنا ولك التوفيق، ولا نؤيد فكرة الطلاق وترك الحياة الزوجية، ونحو ذلك من الأفكار السالبة، بل اتقي الله واصبري، وتذكري نعم الله عليك، وسارعي لشكرها لتنال المزيد.

أما بخصوص ما سألت عنه: هل إذا حرمت الذرية في الدنيا سيعوضني الله في الجنة؟ فالجواب: أن ندرك أن الله تبارك وتعالى لا يقدر شيئا إلا لحكمة، قال عمر بن عبد العزيز: "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار" فندعوك إلى أن تلتزمي بالصبر والعاقبة للصابرين؛ ولا تقارني نفسك بالأخريات؛ لأن نعم الله مقسمة، فكلنا صاحب نعمة، والسعيد هو الذي يدرك النعم التي يتقلب فيها، ليؤدي شكرها، فإذا نال شكرها نال من ربنا بشكره المزيد، (إذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم).
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن العبد إذا تمنى في الجنة أن يكون له ولد، فإن الله يحقق أمنيته بذلك، واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة، كما يشتهي) صححه الألباني في صحيح الجامع.
(كان حمله) أي: حمل الولد (ووضعه وسنه) أي: كمال سنه وهو الثلاثون سنة، (كما يشتهي) من أن يكون ذكرا أو أنثى أو نحو ذلك. وعلى هذا القول كثير من أهل العلم

بارك الله فيك، ونسأل الله أن يرزقك من فضله.

مواد ذات صلة

الاستشارات