السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متزوج منذ سنتين، وزوجتي كانت تتعامل مع أمي بشكل طيب في بداية الزواج، والعكس صحيح، ثم تغيرت من ناحية أمي؛ بحجة أني أتواصل معها للاطمئنان عليها أكثر من مرة في اليوم، وتتذمر من ذلك، وبدأت المشاكل من هنا.
أرى أن أهلها يشجعونها على هذا، فهي تقول: إنك تحب والدتك أكثر مني ومن ابنتك، وهذا الكلام غير صحيح، فهي والدتي ولها الحق في ذلك، ونحن لا نذهب لزيارتها كثيرا، انقطعت زيارتنا وصرت أذهب لوحدي بدون زوجتي وابنتي، آخر مشكلة نشبت بيننا سببها أني ذهبت لأمي، وزوجتي تضايقت من ذلك، وكبرت المشكلة، وطلبت الطلاق، وحكمت أهلها للطلاق، ورفضت تطليقها لأنها أسباب غير مقنعة!
علما أن راتبي أصبح بعد الزواج ضعيفا؛ بسبب متطلبات الحياة، فقمنا بعمل مشروع مشترك -أنا وزوجتي-، مشروع أعمال يدوية، لنعين بعضنا على متطلبات الحياة، ولكن بعد حضور أهلها، رفعت أمها صوتها علي وعلى والدتي، وقالت في حقي كلاما، وأني لا أؤدي مهام بيتي، وآخذ من أموال ابنتها التي تحصل عليها من المشروع، فاشتد الخلاف بيننا، فتركتها في المنزل لتريح أعصابها، وذهبت إلى منزل والدتي، وبعد أيام عدت إلى المنزل وتفاجأت أن والدتها موجودة ومصرة على الطلاق، وزوجتي تريد العودة وترفض الطلاق.
والدة زوجتي افتعلت مشكلة، ورفعت صوتها، فطلبت منها أن تغادر منزلي وتهدأ، إذا لم تحترم وجودي، فأصبحت تسبني وتشتمني، واتصلت بابنتها الأخرى، وعندما حضرت قاموا بمد يدهم علي، وأخذوا زوجتي بالإجبار معهم، وفي اليوم التالي حدثتني زوجتي لكي أذهب وآخذها دون علمهم، لترجع إلى بيتها؛ لأنها لا تريد الاستماع لكلامهم في خراب بيتها، وحاليا قاموا بمقاطعتها، أفيدونا بحكم الدين بذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على الصبر على ما يحدث من أهل زوجتك، نسأل الله أن يعينكما على تجاوز هذه الصعاب.
وأرجو أن تعلم أنك وزوجتك أصحاب المصلحة، وأصحاب القرار، وأن دور الوالدين في كل الاتجاهات هو دور إرشادي وتوجيهي، لكما أن تسمعاه إذا كان فيه العون على الطاعة، إذا كان فيه المصلحة، ولكم ألا تستجيبا له إذا لم يكن كذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا طاعة لمخلوق فيما يلحق بنا الضرر.
مع ضرورة أن تتسلحا بالصبر، أن تصبر على أهلها، وتدعوها إلى أن تصبر على والدتها؛ لأننا إذا تعاملنا مع الوالد أو الوالدة، ينبغي أن نراعي منهج سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام مع أبيه، "يا أبت، يا أبت، يا أبت"، بل إذا زجرونا وطردونا، نفعل كما فعل الخليل، قال والده: (لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا) قال عندها الخليل: (سلام عليك، سأستغفر لك ربي).
فعليكما أن تهدئا هذه الجبهة، جبهة الأهل من الطرفين، وخاصة من أمها وأخواتها، وتصبرا على ما يحدث، وكن عونا لزوجتك على استقرار بيتها واستقرار حياتها، ومن الواضح أنها تريد أن تستمر معك، وأنك تريد أن تستمر معها، وليس في الأسباب المذكورة أي سبب يرتقي لمستوى خراب البيت، وتضييع هذه البنية.
لذلك نتمنى الاستمرار على ما أنتما عليه، والاجتهاد في إصلاح ما بينها وبين أهلها؛ وأنا أعتقد أن الزمن جزء من الحل، يعني بعد قليل ستتغير هذه الصورة، فقط الذي أريده هو ألا تشاركا في التصعيد، لا تشتموهم، وإن شتموا، لا تقصرا في حقهم، وإن قصروا، عاملوهما بما يرضي الله تبارك وتعالى.
على الزوجة أن تسأل عن أمها، وتتصل بها حتى لو أغلقت الهاتف في وجهها، فإنها بذلك أدت ما عليها من الناحية الشرعية، لأن بر الوالدين عبادة، المحاسب عليها والمجازي فيها هو الله، فإذا قامت هي بما عليها، ورفضت الوالدة، أو قاطعتها أو الأخوات، فلا ذنب عليها، إنما الإشكال عندهم، لذلك تستمر في محاولات الإصلاح، وأن تكون عونا لها على الطاعة، وألا تذكر أهلها أمامها بسوء.
والكلام الذي حدث، والشتم والسب، أرجو نسيانه، لأن الشيطان يعمد إلى تضخيم الأمور، وتذكيركم بهذه المشكلات، حتى يخرب البيوت، لذلك: لا بد أن تأخذ الأمور حجمها المناسب، وتجنبا التصعيد، واستمرا في حياتكما؛ نحن سعداء لأنك لم تستجب، وأرجو ألا تستجيب لطلب الطلاق وخراب البيوت، مهما كانت الإشكالات التي تحدث من تلك الأطراف الخارجية.
أعتقد أنكما تستطيعان استئناف حياة جديدة هادئة بقواعد جديدة، وهذا سهل بتوفيق الله تبارك وتعالى، وبإخلاص نياتكم، وقبل ذلك وبعده، بكثرة دعائكما ولجوئكما إلى الله تبارك وتعالى، ونتمنى نسيان كل موقف سالب حصل، والبناء على الأشياء الإيجابية، والمحافظة على حياتكما الزوجية.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.