السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا.
أنا امرأة عمري 42 سنة، أم وزوجة ومهندسة، وموفقة في عملي. لدي تساؤل أود أن أفهمه، لماذا أشعر بعدم قدرتي على إنجاز أي مهمة، وإنجازها يعتبر أمرا عظيما مقارنة بقدراتي، على الرغم من أني -ولله الحمد- أقوم بها بعد ضغط نفسي شديد؛ نتيجة شعوري بأني لن أستطيع إنجازها، فلماذا أشعر بذلك؟ وكيف أعالج هذا الشعور؟
مثلا: حينما أدعو 10 أشخاص للإفطار في رمضان، أشعر بالتوتر والضغط قبل ذلك بعدة أيام؛ خوفا من عدم قدرتي على شراء احتياجات الوليمة، وأن لا أستطيع إعداد كل أصناف الطعام في الوقت المطلوب، ولكني -لله الحمد- أتم الوليمة بالشكل المناسب.
في كل المواقف أشعر بالخوف من الفشل، فعندما دخل أولادي إلى المدرسة خفت أن لا أستطيع إيقاظهم، وإعداد الفطور، ثم الذهاب للعمل، وإعداد الغداء، ومذاكرة الدروس، علما أني مررت بذلك كثيرا، وكل شيء مر بسلام.
ملحوظة: هذه الحالة ليست جديدة علي فهي منذ أيام الدراسة، حتى إني قبل امتحاني في إحدى المواد بالثانوية العامة، أحسست أني لن أستطيع الإجابة، وبكيت وقلت: لن أدخل الامتحان؛ لأني نسيت كل شيء، وبفضل أمي ودعمها دخلت للامتحان وحصلت على 85%.
أود أن افهم لماذا أشعر بهذا الخوف الرهيب؟ وكيف أتخلص منه؟ وهل له علاقة بتربيتي حتى لا يتولد هذا الشعور عند أبنائي وأنا لا أدري؟
أفيدوني أفادكم الله، ونفع بكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وطريقة عرضك له.
أختي الفاضلة: هناك نعمتان أنعم الله بهما علينا، يعاني من سوء التعامل معها الكثير من الناس:
النعمة الأولى: هي القدرة على التذكر؛ فكثير من الناس يعانون لأنهم قادرون على تذكر أمور مضت معهم في غابر الأيام، وإن كانت من سنوات طويلة.
النعمة الثانية: هي أن الإنسان قادر على استشراف المستقبل والتفكير فيه، فنجد النصف الآخر من الناس يعانون من الضغط لأمور لم تأت، وقد لا تأتي بالشكل الذي يتوقعونه، وهذا الغالب؛ وأنت يبدو أنك من النوع الثاني، حيث تقلقين حول كل عمل أنت مقبلة عليه حتى قبل وقوعه؛ كونك أما وزوجة ومهندسة موفقة في عملك كما ذكرت، هذا دليل على أنك قادرة على الإنجاز والعطاء، وخير دليل على هذا كونك مهندسة، والأمثلة المتعددة التي وردت في سؤالك.
نعم، إن هذا التخوف من عدم النجاح أو عدم القدرة على القيام بالمهام له علاقة بالتربية والتنشئة كما ذكرت، فالإنسان لا يولد هكذا، وإنما قد يكون نتيجة لضغط الوالدين، والشدة في تحفيز الأبناء على الإنجاز، وتحقيق الدرجات العالية، يمكن أن يوصلهم إلى هذا الأمر، والجيد في الموضوع أنك مدركة إلى أن توترك وقلقك هذا المسبق للأعمال لا مبرر له، وأنك -بإذن الله- في نهاية الأمر قادرة على الإنجاز بالشكل الكافي.
هناك أمر هام يمكن أن يعينك؛ وهو أن الإنسان عندما يكون مقبلا على عمل ما، سواء كان وليمة، أو عملا هندسيا، أو امتحانا، فإنه يشعر بالقلق؛ وهذا القلق إيجابي، لأنه يدفع الشخص إلى التحضير والاستعداد، وإلا فلولا هذا القلق، ربما لا يحضر الإنسان نفسه للمهمة المقبلة عليه، ولا يستعد لذلك التوتر والقلق قبل الإقدام على عمل مفيد، لأنه يدفعنا جميعا إلى بذل الجهد والاستعداد لهذه المهمة التي نحن مقبلون عليها؛ لكن كما يقال: ما زاد عن حده انقلب إلى ضده؛ فيجب أن يكون هذا القلق بدرجة معقولة تتناسب مع العمل الذي نحن مقبلون عليه، بحيث إنه يساعدنا ولا يربكنا.
حاولي أن تفكري في هذه الأمور، وعندما يبادرك مثل هذا القلق المسبق تذكري نجاحاتك وتفوقك وتحقيقك للمشاريع المختلفة، فهذا يمكن أن يخفف من هذا التوتر والقلق. لا أعتقد أنك بحاجة إلى مراجعة العيادة نفسية، فهذا أمر يمكنك أن تعودي نفسك عليه بالتدريج.
أمر آخر: يجب أن يكون نمط حياتك فيه شيء من الفسحة، وفيه شيء من الاسترخاء، بحيث إنك لا تضغطين على نفسك أكثر مما تطيقين؛ "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، أي لا تكلفنا بأمر يتعبنا تعبا شديدا ويرهقنا إرهاقا شديدا.
أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، وينزل عليك سكينته، ويجعلك من المتفوقات.