السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 17 سنة، ومنذ أربع سنوات وأنا أعاني من القلق والتوتر بشكل كبير، والخوف من الناس منذ مراهقتي، وقبل سنة زرت الطبيب النفسي، وصرف لي بعض الأدوية وتحسنت، ولأول مرة أشعر بطعم الحياة والسعادة، وكونت عدة صداقات بعد الشفاء، ولكن مفعول الأدوية استمر أربعة شهور، ثم عادت معاناتي بعدها.
طفولتي كانت صعبة جدا، تعرضت للرفض والإهمال والإحراج أمام الناس وأهلي، وتعرضت للتحرش مرات عديده من الناس، فهل أثرت طفولتي علي؟ أصبحت لا أستطيع بناء علاقات صحية وموثوقة، وأشعر بعدم الأمان والانتماء لأحد، وعندما فكرت باسترداد حقوقي من الناس أتوتر منهم، ولو علمت بعدها أني سأقبل ذلك الشخص أشعر وكأن دم جسمي سيتوقف وأقلق، فما سبب ذلك؟
منذ فترة سافرت مع فتيات العائلة، وكنت بخير، وبعد ساعات شعرت بضيق شديد، رجفة، قلق حاد، وعدم السعادة، وتولد لدي شعور بأني غير مرئية، وحين غبت عنهن لم يبحثن عني، فزادت أعراضي، وشعرت بالدونية، وفقدان الأمان، والتوتر، وقالوا لي: إنك شخصية مملة، وهن لا يعلمن ما أمر به، كنت أرغب في بناء علاقات جديدة ولكني فشلت.
بعد تلك الرحلة دخلت في حالة من: التفكير المفرط، القلق، الاكتئاب، الخوف، وأحس أني ضعيفة ومشتتة، ولا أثق في أحد، علما أني ملتزمة في الصلاة، وقيام الليل، والأذكار، وحفظ القرآن، وأنا أرغب بتطوير شخصيتي، وحالتي النفسية، فأحيانا أشعر بالاكتفاء والنشاط، وأحيانا أخرى بالإحباط والضيق والضعف، وأشعر بالخوف من مقابلة الناس، وكأن لساني مقيد، ولدي شعور بالنقص.
أفيدوني بأدوية تحسن حالتي للأبد، وتبعد عني الرهاب والقلق الاجتماعي، ونوبات البكاء، وشعور الاكتئاب والوحدة، علما أني لا أستطيع زيارة الطبيب النفسي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أليس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أولا: أحمد الله تعالى على أنك ملتزمة بالصلاة على وقتها، وقيام الليل، وحفظ القرآن، والأذكار، فهذا أمر طيب، لا شك سيكون له انعكاس طيب على حياتك -بإذن الله-.
أختي الفاضلة: ذكرت أنك تعانين من القلق والتوتر منذ أربع سنوات، أي منذ عمر 13 سنة، في المراحل الأولى من سن المراهقة، ولا شك أن ما تعرضت له في طفولتك من صعوبات ورفض -وخاصة التحرش لعدة مرات-، هذه الأمور التي حصلت في طفولتك يمكن أن تؤثر عليك بالشكل الذي أنت عليه الآن، فنعم، طفولتنا لها تأثير كبير في حياتنا، فتجارب طفولتنا تضع بصماتها في شخصيتنا، ونظرتنا إلى أنفسنا، والناس من حولنا، والحياة بشكل عام، إن عدم الشعور بالأمان مع الآخرين، والتوتر والقلق لا شك له علاقة بما تعرضت له في طفولتك، فهذا أمر مفيد يمكنك استحضاره في ذهنك.
الأمر الثاني: من الجيد أنك زرت الطبيب النفسي وصرف لك الأدوية، لا أدري ما هي، ولكن أقدر أنها أحد أنواع مضادات الاكتئاب، وإن كان تخمينا من عندي؛ حيث إنك لم تذكري لنا اسم الدواء، ولكنك شعرت ولأول مرة بطعم الحياة والسعادة، فهذا دليل على أن لديك أسبابا بيولوجية طبية للمشاعر التي اضطرتك إلى الذهاب إلى الطبيب النفسي، وطالما أنك تحسنت في الماضي على الأدوية، فيمكن أيضا أن تتحسني الآن على أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، فهذا يمكن أن يساعدك في تعديل مزاجك، ويعطيك بعض الجرأة والشجاعة لتحاوري الناس، وتلتقي بهم وتواجهيهم بالشكل المناسب.
أرى من الأفضل أن تراجعي طبيبة نفسية؛ بهدف أن تقوم الطبيبة بفحص الحالة النفسية الشاملة، وتضع لك التشخيص المناسب، ومن ثم تصف لك الخطة العلاجية، سواء كان علاجا دوائيا، كالذي تناولته في الماضي، أو الجلسات العلاجية، والتي أعتقد أنك في حاجة إليها للتعامل مع المشاعر والعواطف السلبية، والناتجة عن صعوبات الطفولة، والتحرش الذي تعرضت له؛ فمثل هذه الجلسات التي تتيح لك إخراج ما لديك من مشاعر سلبية، وتصحيح الأفكار الموجودة لديك عن تجارب الطفولة، كل هذا يمكن أن يمنحك الفرصة حتى تشعري مجددا بطعم الحياة والسعادة التي شعرت بها من قبل.
أنا مطمئن أنه يمكنك تحقيق ذلك، وخاصة أنك في عمر الشباب -17 سنة-، فالأصل أنك مقبلة على الحياة بشغف ورغبة، وخاصة أنك طالبة، -إن شاء الله- أنك طالبة مجدة، ولا شك أن التزامك بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن سيكون عونا كبيرا لك.
ذكرت أنك تجدين صعوبة في مراجعة الطبيب النفسي، ولكن معظم الجامعات فيها أقسام للإرشاد النفسي للطلاب؛ فأرجو أن تستفيدي من هذه الخدمة الموجودة، سواء في المدرسة أو الجامعة، حسب مرحلة الدراسة عندك.
أخيرا: أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويكتب لك تمام الصحة والعافية، لتكوني من الناجحات السعيدات، والمتفوقات اللاتي يشعرن بطعم الحياة والسعادة.