السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أسكن في أوروبا، وعمري 16 عاما، مشكلتي أنني أحاول أن أجاهد نفسي ابتغاء مرضاة الله، ولكني مقصر أشد التقصير، وأعصي الله كثيرا، وأحيانا يحدث لي أن تأتيني خاطرة من الشيطان فأفكر فيها، فكأنما أجدها مطبوعة على قلبي، فلا أستطيع الخشوع في صلاتي، ولا تدبر القرآن، وأصبح مشتتا جدا، ولا يذهب هذا التشتت حتى أعصي الله -أعلم مؤكدا أنها خاطرة شيطانية-، ولكني أتوب بعدها، وأستعيد الخشوع.
فما هو الحل كي أستعيد خشوعي في الصلاة، وتركيزي دون أن أعصي الله، إذا وقعت في التفكير في خاطرة من خواطر الشيطان؟
أفتوني يرحمكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته، وأن ينصرك على هواك، ونفسك، والشيطان، ويزيدك هدى وصلاحا.
لا شك -أيها الحبيب- أن للذنوب لذة عاجلة؛ ولذلك يزينها الشيطان، ويحسنها، وتعينه عليها النفس، ولكن تذكر العاقبة، والنهاية، وما تنتهي إليه الأمور بعد فعل هذه المعصية، وهذا التذكر والتفكر لنتائج هذه المعصية، هو أكبر رادع للنفس عن الوقوع في الذنوب والمعاصي؛ فالخوف من الله تعالى، ومن عقابه، هو الزاجر للإنسان عن الوقوع في المعصية، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: "الإيمان قيد الفتك"، أي هو الذي يقيد الإنسان عن أن يقع في الفتك.
فنصيحتنا لك: أن تكثر من سماع المواعظ التي تذكر بلقاء الله تعالى، وبالنار وما فيها من أهوال وشدائد، والقبر وما فيه من ضيق، وعرصات يوم القيامة؛ وهذا النوع من التذكير والوعظ يفيد القلب، ويحيي فيه جانب الخوف من الله سبحانه وتعالى. وفي المقابل: أكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بثواب الطائعين بالجنة، وما أعد الله تعالى فيها لأحبابه وأوليائه الطائعين له، والمتقين له، فإذا سمعت هذا أورثك وغرس في قلبك رغبة في الطاعة، وحرصا عليها.
كما أن مجالسة الأخيار والطيبين، ومصاحبة الناس الصالحين من أعظم الأسباب التي تعينك على طاعة الله تعالى بفعل الطاعات، وتجنبك المعاصي، فحاول أن تتعرف إلى الشباب الطيبين الصالحين، فتتواصل معهم، وتجلس معهم، وهذه كلها عوامل تقوي إيمانك، وتحفظك من الزلل.
وهناك أمر مهم جدا -أيها الحبيب-، وهو أن تعتني بتجنب الأسباب التي تعينك وتدفعك نحو الوقوع في هذه المعصية؛ فالمثيرات للمعاصي ينبغي أن تتجنبها قبل الوقوع فيها، فحاول أن تصون سمعك وبصرك، وأن لا تستعمل الأدوات التي تفتح عليك باب الشر، إلا بالضوابط التي تحول بينك وبين المفاسد والأضرار، وبهذا السلوك المتكامل تصل -بإذن الله تعالى- إلى حفظ نفسك من الذنوب.
وأما الخشوع في الصلاة فسببه الأساسي هو أن تدخل الصلاة وقد أنهيت أعمالك قبلها، وفرغت من المشاغل التي يمكن أن ترد عليك في الصلاة، ثم في أثناء الصلاة ينبغي أن تتفكر في معاني الأفعال التي تفعلها، والكلمات التي تقولها، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن في الصلاة شغلا"؛ يعني تفكرك، وصرف ذهنك، وقلبك إلى النظر في أعمال الصلاة وأقوالها؛ يشغلك -بإذن الله تعالى- عن الشواغل الأخرى.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.