السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 10 سنوات ولدي طفلان، -وللأسف- بدأت المشاكل الزوجية والخلافات تتكاثر، زوجي -والحمد لله- ملتزم، ويقوم بنفقاته، إلا أنه صار عصبيا جدا، وينتقدني كثيرا عندما أتكلم وعند أي تصرف، ولا يقبل أن أحاوره إذا خالفته في شيء وحاولت أن أبين له وجهة نظري.
هو يظن أنني أريد أن أتحكم في البيت، ويقول بأني لا أحترمه، ولم يعد له قيمة في البيت، صار ينفعل لأتفه الأسباب، عندما أرد عليه لا يحب ذلك، وإذا تجاهلته للحد من تفاقم الخلاف، لا يحب ذلك أيضا، إذا قلت له قل لي: ما الذي يغضبك ولا تحبه في؟ يقول: لا تحترمينني، فأقول له: هات مثالا، فيقول: لا أدري، مع أنني لا أزكي نفسي، فكلي عيوب، لكني أحاول أن أرضيه وأفرحه، لكن رضاه صعب!
هو يريد أن لا أتكلم ولا أرد، مثل السيد والعبد، أنا أعرف أن الله أمرني بطاعته، ولكن هل إذا قلت وجهة نظري قبل تطبيق الأمر يعتبر عدم طاعة؟ هو يريدني أن أقول نعم دون أي نقاش، وكثيرا ما يطلب الأمر بصراخ وعنف! أنا إنسانة، ولدي مشاعر، وأتأثر بطريقة الأمر لو طلب بحب واحترام، وبطبيعة الحال سيكون ردي بود.
أنا لا أعارض أمر الله، أعلم أن الرجل له حقوق أكثر على الزوجة، ولكن الله أمره كذلك بالإحسان إلي زوجته، أنا لا أنكر أنه يحسن إلي بالنفقات، ويشتري لي ما أريد، لكن في طريقة كلامه وأمره، مثل السيد مع العبيد، حتى ابنه لا يطيق ذلك فكيف بي أنا المرأة؟! ويتعامل معي بخلاف ما يتعامل به مع الناس، فمع الناس يتكلم بأدب وصوت منخفض، ومعنا يتعامل بالصراخ، وهذا يؤلمني، وأنا جدا حساسة، أصبر.. وأصبر، لكن بعدها أنفجر بالبكاء!
بدأت تراودني فكرة الطلاق، لكن لا أريد هدم البيت من أجل الله، ثم الأطفال؛ لأنني أعلم أن ذلك سيؤثر في الأطفال، ولدي مشروع في إخراج جيل صالح، فكيف يكون ذلك والبيت متهدم؟!
قررت أن أقلل الكلام معه، بحكم أن كل ما أقوله يعتبره سما، وقلة احترام!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن التربية، والحرص على طاعة الزوج، ونسأل الله أن يهدي الزوج لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
وقد أسعدنا الثناء على الزوج بأنه يقوم بالنفقات، ويشتري لكم ما تريدونه، ولكنه فقط صعب التعامل في ما يتعلق بالأوامر والنواهي، ونحب أن نؤكد أن طاعة المرأة لزوجها من طاعتها لله تبارك وتعالى، إذا كان هذا الزوج يدير البيت بما يرضي الله -تبارك وتعالى- فتجنبي التصادم معه، ونعتقد أنك بعد هذه السنوات عرفت الأمور التي تضايقه، والإنسان ينبغي أن يشتري راحته، كما قالت زوجة شريح: ماذا تحب فآتيه، وماذا تكره فأجتنبه؟
لعلك قد أدركت خلال هذه السنوات ما هي الأمور التي تزعجه، فإذا تفاديت الأمور التي تزعجه، وفعلت الأمور التي ترضيه؛ فهذا سيكون بابا كبيرا جدا من الخير، وشجعي أبناءك على بره، واجتهدوا وتعاونوا فيما يرضي الله تبارك وتعالى، ونحن سعدنا أنك تريدين أن تربي جيلا صالحا، وهذه أمنية غالية، والأمنيات الغالية، والأهداف الكبيرة تحتاج إلى تضحيات وصبر.
اعلمي أنه لا يوجد رجل بلا عيوب، كما أنه لا توجد امرأة بلا عيوب ونقائص، فنحن بشر رجالا ونساء، النقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته.
وإذا كان هذا الزوج بدأ حياته بطريقة جميلة، ثم في منتصف الطريق بدأ يتغير، فأرجو أن تبحثي عن العوامل الخارجية، هل نستطيع أن نقول: عليه ضغوطات مالية؟ أو مشكلات في عمله؟ أو ظروف صحية؟ أو ما هي المتغيرات التي جعلته يصبح شديد الانفعال وسريع الاشتعال؟ وهذا ما ننتظره أيضا، أن تقدره بناتنا وأخواتنا الزوجات، لأن الرجل يتعامل في الخارج، ويواجه صعوبات كبيرة في الحياة، ولذلك عندما يأتي البيت يريد السكن والطمأنينة، والعاقلة مثلك تختار الأوقات المناسبة للحوار والنقاش، وتعرف بذكائها الأمور التي ترضي زوجها، فتأتيها وتكثر منها، والأمور التي تضايقه فتتجنبها، وتعرف الأوقات التي يمكن أن تناقش فيها الرجل وتحاوره.
ولا ننصح بمحاورة الرجل عندما يعود من العمل، وعندما يفكر في الخروج، وعندما يكون في غرفة النوم، أو عندما يكون على مائدة الطعام، والإنسان قد يحتار، إذا: متى يكون الحوار؟ الحوار يكون بعد أن يأتي الرجل من عمله، ويأخذ حظه من الطعام، وحقه من الراحة، وإذا أراد أيضا شيئا من أهله أخذه، وبعد ذلك يتهيأ للاستماع.
عليك أيضا انتقاء الكلمات الجميلة التي لا تجرح مشاعره، وحبذا لو حصل اعتراف بفضله، وأنك لم تقصر، وأنك جئت لنا بما نشتهي، وأننا سعداء بك، ثم بعد ذلك تعرضين وجهة نظرك.
أما إذا غضب عليك أو انفجر، فعندها تلزمين الهدوء، وبعد ذلك في وقت آخر تقولين: "أنا أحبك وأريد لك الخير، ولكن هذا الموقف الذي حصل كسرني، وهذا الموقف أثر على أطفالنا"، ويكون هذا بعيدا عن الأطفال، ولكن بعد أن تؤكدي على المعاني الجميلة. واعلمي أن الرجل بحاجة إلى التقدير والاحترام، فإذا وفرتها الزوجة له غمرها بالحب والأمان، وهذا أكبر احتياجات الزوجة.
فنسأل الله أن يعينكم على الخير، ونؤكد أن فرص النجاح أمامكم كبيرة، وتواصلوا مع موقعكم، ونتمنى أن تشجعي تواصله حتى نستمع إلى وجهة نظره، إذا كان ذلك ممكنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.