السؤال
زوجي كثير الغضب، يغضب على أشياء عادية لا تستدعي الغضب، ثم يهجرني في الفراش ويمتنع عن الكلام والطعام ويترك البيت، بعد ذلك يحملني مسؤولية تلك الأشياء التي يفعلها، بمعنى أني السبب.
وعندما أمتنع عن الحديث معه، يقول إني ناشز! مع العلم أنني لم أرفض له أمرا، لكني أمتنع عن الكلام، وعن الجلوس معه في نفس المكان لعدة أيام، فهل علي إثم؟
وما نصيحتكم للزوج الذي يلجأ إلى الهجر قبل الوعظ؟ وفي كل مرة، يحمل الزوجة مسؤولية إصلاح الشجار، وهل إصلاح الشجار يعتبر من قوامة الزوج، أم يجب أن يكون على الزوجة؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الخير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارة إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يديم الألفة والمودة بينك وبين زوجك.
نود أن نذكرك -أختنا الكريمة- بما وعد به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المرأة الصالحة التي تصلي فرضها، وتصوم شهرها، وتطيع زوجها؛ فإنها إن فعلت ذلك دخلت جنة ربها، فالمرأة المطيعة المحسنة لزوجها، الصابرة عليه، عملها هذا ليس بضائع، بل هو مدخر محفوظ، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، والله تعالى الشكور، يقبل العمل من عبده، ويثيبه عليه ويضاعف له ذلك الثواب.
فينبغي أن تستحضري دائما أن إحسانك إلى زوجك ومعاملته بالحسنى والصبر عليه، والتجاوز عن أخطائه، كل ذلك عمل صالح يقربك إلى الله تعالى، وتثبته الملائكة في صحائف أعمالك، فليس بضائع، فلا تأسفي على شيء منه، ولا تندمي على جهد تبذلينه في هذا الطريق.
وقد أرشد الله تعالى النساء في سورة النساء إلى التغاضي عن بعض الحقوق، عندما تجد من زوجها نشوزا، لتصلح الحال وتدوم الأسرة، وتبقى الألفة، فقال سبحانه وتعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلح بينهما صلحا والصلح خير}.
فالصلح خير من الوصول إلى حالات من الشقاق، وربما أثمر بعد ذلك فراقا، وما دمت قد تفهمت شخصية زوجك وعلمت أنه سريع الغضب، وكثير الغضب لأشياء لا تستحق أن يغضب من أجلها، فينبغي أن تأخذي بالأسباب التي تدفع هذا الخلق، وذلك بأن تتجنبي قدر استطاعتك ما يؤدي إلى غضبه، فلو قدر أن وقع شيء من ذلك، وتعلمين من عادة زوجك أنه سريع الغضب، فإن مبادرتك للاعتذار -ولو لم تكوني مخطئة- فهذا خير لك من الاستمرار على موقفك السابق، ما دام ذلك يذهب عنه ذلك الغضب، وهذا خير لك؛ لأنك بذلك تحسنين إليه، وتدخلين في قول الله سبحانه وتعالى: {والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، وخير لك وله وللأسرة؛ لأن ذلك يؤدي إلى قلة أسباب البغضاء والكراهية بينك وبينه.
فإذا استحضرت هذه الأمور كلها، سهل عليك أن تبادري إلى الاعتذار، ولو لم تكوني المخطئة، كما أن مبادرتك أنت للكلام معه، فيه خير كثير لك بلا شك، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن المتهاجرين: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
فلا تظني أبدا أن تواضعك لزوجك واللين أمامه، ذلا أو انكسارا، أو نحو ذلك من المشاعر التي قد تنتابك؛ فإن تواضعك لزوجك يزيدك رفعة عند الله تعالى، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
وهذا لا يعني أبدا التبرير لسلوكيات الزوج الخاطئة، بحيث يغضب مما لا يستحق الغضب، أو أن يرتب على هذا الغضب مواقف غير شرعية، لا نبرر له ذلك، ولكننا ندعوك إلى فعل ما هو أفضل وأولى من جانبك أنت، وأنه أنفع لك في دينك ودنياك.
أما الزوج فإنه مأمور بمعاشرة زوجته بالمعروف، كما أمر الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، ومحرم عليه أن يؤذي الزوجة في مشاعرها، ومن باب أولى أن يحرمها من بعض حقوقها.
وأما انتقاله إلى الهجر قبل الوعظ، فليس بسائغ ولا جائز، فالهجر إنما جعله الله تعالى وسيلة للتأديب، حين تفعل المرأة ما تستحق به هذه الوسيلة من وسائل التأديب، وجعله أيضا وسيلة تتناول بقدر الحاجة فقط، وإلا فالأصل أن المعاشرة بالمعروف، والهجر ليس من المعروف في شيء.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يديم الألفة بينك وبين زوجتك.