السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اختلفت أنا وخطيبتي حول كيفية إدارة حياتنا بعد الزواج، وأريد أن أعرف: هل يجب علي أن آمرها بكل ما هو واجب، وأنهاها عن كل ما هو محرم؟ وهل يجب أن يكون ذلك بصيغة الأمر، أم مجرد نصيحة؟ وهل يختلف الموقف إذا نصحتها فعصتني، عن ما إذا أمرتها فعصتني؟
على سبيل المثال: إذا رغبت في وضع المكياج أثناء خروجها من المنزل، كيف يجب أن أتصرف؟ وهل إصرارها على وضع المكياج بعد أن نهيتها عنها، يجعل عليها ذنب عصيان زوجها، بالإضافة إلى ذنب المكياج نفسه؟ وفي حالة كانت الإجابة "لا"، فما هي الحالات التي تأخذ فيها الذنبين؟ وهل هناك فرق بين إعطائي لها نصيحة، وبين إصدار أمر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك إتمام الزواج، وأن يجعله مباركا، وأن يصلح لك زوجتك، ويديم الألفة والمودة بينكما.
أولا: نحب أن ننبهك -أيها الحبيب- أن المخطوبة في فترة الخطبة لا تزال أجنبية عن الخاطب، ما دام لم يعقد العقد الشرعي، ومن ثم فلا بد من الالتزام بالضوابط الشرعية لتعامل الرجل مع المرأة الأجنبية، وإنما رخص الشرع للخاطب أن ينظر إلى من يريد خطبتها، بالقدر الذي يدعوه إلى خطبتها، أو يدعوه إلى ترك الخطبة.
فإذا حصل هذا المقصود، رجع الأمر إلى ما كان عليه، وهذا فيه صيانة للإنسان عن الوقوع في شبكة الشيطان، وما قد يجره إليه من أنواع المعاصي والمخالفات، فاحذر من استدراج الشيطان؛ فقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يمر بالفحشاء والمنكر).
ثانيا: نوصيك أيها الحبيب بأن تختار المرأة المتدينة الصالحة، فهذه وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
والتدين المقصود به هنا القيام بالفرائض التي أوجبها الله تعالى، واجتناب المحرمات التي حرمها الله تعالى؛ فهذا القدر من التدين يدفع المرأة نحو التزامها بحدود الله تعالى، والقيام بحقوق الزوج، وحقوق الأولاد، ولهذا أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اختيار المرأة المتدينة، وإذا قدر أن الرجل اختار امرأة بخلاف هذا، فينبغي له أن يبذل وسعه وجهده في محاولة إصلاحها، والترقي بها في تدينها، فإن ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لكل مسلم، والدعوة إلى دين الله تعالى، وكل هذه أعمال جليلة يثاب عليها الإنسان ثوابا عظيما؛ ولا شك ولا ريب أن الأسلوب الحسن والكلمة الطيبة، والتوجيه الرفيق، يصنع في النفوس شيئا عظيما من الاستجابة والميل.
فالكلمة الطيبة أخبرنا الله تعالى عنها أنها تحول العدو صديقا، فكيف إذا جاءت من محب بقصد التوجيه، لما فيه المنفعة والمصلحة الدينية والدنيوية والأخروية؟! لا شك أنها ستقابل بالاستجابة والقبول، وهذا غالب الأحوال.
ولذلك ننصحك أيها الحبيب؛ إذا قدر لك أن احتجت إلى نصح زوجتك في مستقبل أيامك، في القيام بالفرض، للقيام بما وجب عليها شرعا، أو نهيها عما حرم عليها شرعا؛ نصيحتنا لك أن تكون رفيقا، فإن الرفق ما دخل شيئا إلا جمله وحسنه وأكمله، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه)، وقال: (إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق).
ولا يهمك كثيرا التفريق بين النصيحة أو الأمر، ولكن اجعل هدفك هو استجابة زوجتك وتنفيذها لما تنصحها به، وترشدها إليه، وهذا سيستدعيك إلى اتخاذ أحسن الأساليب واختيار أرفقها، وأفضلها، وأعظمها تأثيرا.
أما إذا أردت معرفة الحدود الشرعية؛ فإن الواجب على الزوج أن يأمر زوجته بالمعروف، وينهاها عن المنكر، فإنه رب الأسرة وهو الراعي لها، وهو مسؤول عن رعيته، فلا يجوز له أن يقر زوجته على فعل محرم، لا سيما مما يتعلق بأمر الحجاب، والتزين لغيره، وإبداء الزينة لغيره ونحو ذلك، وهذا جزء من قوامة الرجل؛ لأن الرجل أكثر دراية بالمصالح التي تحتاجها الأسرة، وأكثر قدرة على تحقيقها، ولذلك أسند الله تعالى إليه القوامة على الأسرة.
وإذا عصت المرأة زوجها في أمره لها بأداء فريضة من فرائض الله تعالى عليها، فلا شك أنها وقعت في معصية، فمعصيتها للزوج لا سيما فيما يأمرها به من الاحتشام، والبقاء في البيت، أو أداء حق الزوج، لا شك أن هذا النوع من المعاصي إذا فعلته؛ فإنها تكون آثمة لمخالفتها الأمرين، أمر الله تعالى أولا، ثم أمر الزوج، أما الذنوب التي تتعلق بها بينها وبين ربها، فإن إثم مخالفتها هو إثم ذلك الذنب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.