تنتابني وساوس بأني قد أؤذي طفلي بسبب غضبي!

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة وعلاقتي بزوجي طيبة جدا، حملت وفقدت طفلتي بعد يومين من الولادة، وأنا راضية بالقضاء والقدر -الحمد لله-، وحاليا أحضر للامتحان لمتابعة تحصيلي العلمي، ومنذ فترة قصيرة بدأت تراودني وساوس ملحة تقول: لو كان لدي طفل صغير لن أستطيع تحمله، وسأقوم بإيذائه، أو مثلا: سألقيه من السطح -والعياذ بالله-.

أخبرت زوجي وصديقة مقربة لي بالموضوع، وقالا: إن ذلك كله من ضغوط الدراسة، وأتذكر أني عندما أغضب من أحدهم، أشتهي أن أؤذيه لكني لا أفعل، فيوسوس لي الشيطان أن الطفل الصغير لن يقاومك، وسوف تفقدين السيطرة بعصبيتك وتؤذينه.

كل من يعرفني يعرف كم أحب الأطفال، وعلاقتي معهم طيبة، لكن لم يسبق أن جربت الأمومة حتى أحكم على نفسي، فهل أنا طبيعية وهذه مجرد وساوس مثل رأي الجميع، أم فعلا هناك شيء غير طبيعي؟

جربت تمارين الاسترخاء، ومحافظة على ورد القرآن، والأذكار، والصلاة، وشعرت براحة كبيرة، لكن فقط أريد الاطمئنان بشكل كامل، ولا أتمنى الدخول في معمعة الأدوية النفسية.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك كثيرا في إسلام ويب، قرأت رسالتك بكل تمعن، وبالفعل رسالتك واضحة جدا؛ حيث إنها تأتيك بعض الوساوس الافتراضية الخلفية، وهذا النوع من الوساوس غالبا ما يكون مستحوذا، ويسبب الكثير من الألم النفسي للنفوس الطيبة والضمائر اليقظة، كما في حالة شخصيتك الكريمة.

أنا أبشرك أن الوساوس يمكن أن تعالج بصورة فاعلة جدا، وذلك من خلال تجاهلها، وتحقيرها، وعدم الخوض فيها، وعدم تحليلها، وصرف الانتباه تماما عنها، من خلال الإتيان بأفكار إيجابية، وأفكار تكون أكثر واقعية وجمالا، وكذلك أن يصرف الإنسان نفسه، عمليا عليك بأداء واجب عملي معين، أو ممارسة تمارين الاسترخاء، أو أي نشاط جسدي، هذا هو الأصل في العلاج.

هذا النوع من الوساوس نسميه بالوساوس العنفية، وهي نوعية معروفة جدا من الوساوس، الوساوس الفكرية لها ثلاثة أقسام رئيسية: الوساوس الدينية، والوساوس الجنسية، وكذلك الوساوس العنفية، أنا أطمئنك تماما، وأدرك تماما حبك للأطفال، وأسأل الله أن يرزقك الذرية الطيبة، -وإن شاء الله- تستمتعين بأطفالك كثيرا، فلا تخافي أبدا.

أنت لن تقومي -إن شاء الله تعالى- بإيذاء أي طفل، هذا مجرد وسوسة خبيثة، تعالج من خلال التحقير، والرفض، والتجاهل التام، ويعرف أن الذين يعانون من الوساوس القهرية هم حقيقة أفضل الناس من الناحية الضميرية والأخلاقية، وقل ما ينجرفون أو يقعون في الأخطاء، ودائما نجد أن الفضيلة لديهم مرتفعة جدا، وأيضا -الحمد لله- لديهم يقظة دينية.

وأنت حريصة على صلاتك، وتلاوة القرآن، وما أدعوك إليه هو أن تصرفي انتباهك، وأنت لديك أشياء كثيرة وجميلة يمكن أن تقومي بها، نعم، كوني حريصة على أن تديري وقتك بصورة صحيحة، ولا تتركي مجالا للفراغ أيا كان.

بالنسبة للأدوية، اسمحي لي أن أقول لك: وجهة نظري مختلفة قليلا عن وجهة نظرك؛ والأدوية التي تعالج الوساوس القهرية فاعلة وموجودة، وهذه الأدوية سليمة جدا، ولا بد من تناول الدواء؛ لأن الوساوس القهرية اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن هناك نوعا من الاضطراب الداخلي فيما يسمى بالموصلات العصبية الدماغية، وهذه لا تقاس أثناء الحياة أبدا، مادة السيرتونين يحصل فيها خلل، ربما يكون هناك نقصان في الإفراز، ربما يكون عدم استشعار لهذه الموصلات، ربما تكون افتقادا للحساسية، الاندفاع والفعالية بين هذه الموصلات، ونظريات كثيرة جدا.

الدواء حين يصفه الطبيب المتمرس، ويكون سليما وليس إدمانيا، ولمدة معقولة، أعتقد أنه لا بأس في ذلك أبدا؛ لذا أدعوك إلى تناول عقار يسمى فلوكستين، واسمه التجاري بروزاك، دواء معروف ورائع جدا، وغير إدماني، وغير تعودي، ولا يزيد الوزن، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا.

أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة نسبيا، ولمدة قصيرة، الجرعة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة، أي 20 ملجم يوميا لمدة 10 أيام، ثم بعد ذلك كبسولتين يوميا لمدة شهرين، أي 40 ملجم، هذه الجرعة بسيطة إلى وسطية؛ حيث إن الجرعة الكلية هي 40 ملجم في اليوم، لكنك لا تحتاجين إلى هذه الجرعة.

تناولي الـ 40 ملجم هذه لمدة شهرين، ثم اجعليها كبسولة واحدة يوميا 20 ملجم لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة يوما بعد يوم لمدة 10 أيام، ثم توقفي عن تناول الدواء، الجرعة صغيرة وجيدة، وفترتها قصيرة، وقطعا العلاج الدوائي يعتبر مهما جدا بجانب ما شرحته لك من إرشادات سلوكية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات