السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ عمر 17 سنة كانت تأتيني وساوس كثيرة في الدين، وأني كفرت، وخوف من الانتحار .. وغيرها، وحدث لي موقف مخيف بالنسبة لي، وأصبت بعدها بمرض مناعي، وهو الوهن العضلي، ثم أخذت العلاج للوساوس، وقلت نوعا ما، وأوقفت العلاج، وطوال خمس سنوات كانت تزيد وتقل، وكنت أخاف كثيرا جدا وأبكي منها، ومن الله علي بالهداية -الحمد لله-.
تم تشخيص مرضي منذ سنة بمرض فشل المبيض المبكر، وانقطع الطمث تماما، وحاولت أخذ علاج استروجين لتعويض الهرمونات، ولكن حالتي الصحية ساءت ولم أعد قادرة على الحركة، فأوقفته، ومنذ شهر زادت الوساوس جدا، وأصبحت أخاف من كل شيء، وألوم نفسي كثيرا على ذنوب فعلتها في الماضي حتى لو بسيطة، وتبت منها، وأحيانا أجلس أفكر فيها بالساعات وقلبي يعتصر، ولو سمعت عن شخص حصلت له مشكلة أتخيل نفسي في المشكلة، وأخاف بشكل كبير.
أنا أدرس الطب البشري، وأرى أن مرضي نفسي، عندي أرق، وفي لحظات الخوف الشديد أتمنى الموت.
ذهبت للطبيب، وكتب لي فافرين، ولكن نفسي تحدثني أني سأضل طول عمري في هذا العذاب، والدواء لن يأت بنتيجة، وخائفة جدا، هل هذا القلق والخوف نتيجة نقص هرمونات الاستروجين والبروجيستيرون؟
متى يبدأ تأثير الدواء؟ هل يوجد أناس شفيت تماما من هذه الوساوس؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا، والله المستعان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
أيتها الفاضلة الكريمة: بحمد الله تعالى توجد الآن إمكانات مهنية وعلمية ونفسية كبيرة جدا لعلاج الوساوس والتوترات، ويمكن للإنسان بإجراءات بسيطة جدا أن يعيش حياة نفسية طيبة وإيجابية.
الذي أرجوه منك أن ترجعي إليه وتتوقفي عنده فكريا هو أنك -الحمد لله- بخير، وما يأتيك من أعراض وسواسية وقلق وتوتر ومخاوف هي مجرد طاقات نفسية سلبية، وليس أكثر من ذلك.
لا أريدك أبدا أن تلصقي بنفسك المرض، هذه ظواهر، أنا لا أقلل حقيقة مما تعانين منه، لكن هذا هو الواقع.
يجب أن تلتفتي لأهمية دراسة الطب، الله تعالى اصطفاك بهذا الأمر، والطب مهنة راقية ومهنة إنسانية، ومهنة عظيمة، متى ما أجادها الإنسان يمكنه أن يتعبد الله من خلاله، وذلك من خلال إتقان العمل المهني الطبي، والصدق والأمانة مع المراجعين، والنصح لهم بصورة صحيحة.
أريدك أن توجهي طاقاتك نحو دراستك، وأن تكوني من المتميزين، وأن تكون لك خارطة ذهنية، ينطلق فيها سقف طموحاتك، أن تتخرجي، أن تقومي بعمل الامتياز، ثم بعد ذلك الدراسات العليا، ثم التخصص، ثم الدكتوراه، هذا كله ممكن، يجب أن يكون هذا الأمر هو أحد الأشياء التي تشغلك.
طبعا الدراسة أنا لا أقول لك أجهدي نفسك، وادرسي طول الوقت، لا، نظمي وقتك، وحسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، والنقطة الارتكازية في حسن إدارة الوقت هي أن يتجنب الإنسان السهر، تجنب السهر يعطي للإنسان فرصة، يستيقظ مبكرا، والبكور فيه بركة كثيرة، ولا شك في ذلك، وتكون الطاقات متجددة تماما، وينطلق الإنسان بعد ذلك في دراسته وفي بقية الأنشطة اليومية.
هذه هي نصيحتي الثانية لك: يجب أن يكون نمط حياتك إيجابيا، أن تمارسي أي رياضة مناسبة للفتاة المسلمة، كما قلنا تجنبي السهر، طبقي التمارين الاسترخائية، وتوجد برامج كثيرة توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، السعي دائما لبر الوالدين، وأن تسعي لتكوني شخصية فعالة في أسرتك، مثلا تخططين لبرنامج مفيد، أن تحفظي مثلا ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم خلال ستة أشهر، ... وهكذا.
إذا الحياة يمكن أن تكون طيبة جدا وإيجابية جدا إذا تأمل الإنسان لبعض الأشياء البسيطة التي حبانا الله تعالى بها، إذا تأمل إلى المهارات الكثيرة التي يمكن من خلالها يطور نفسه وينميها في الدين والدنيا.
طبعا أنا لا أقلل من موضوع فشل المبيض، لكن -إن شاء الله تعالى- يحدث لك تواؤم وتكيف مع هذه الحالة، وبالنسبة لهرمون الاستروجين (Estrogen) إذا أثر عليك في مرة، فليس من الضروري في المستقبل أيضا أن تكون له آثار جانبية شديدة، لا، يمكن أن تجربي مثلا جرعة صغيرة، وذلك بعد الرجوع إلى طبيبك.
طبعا اضطراب الاستروجين والبروجسترون (Progesterone) كمكونات أساسية ربما يكون لها طبعا علاقة بالصحة النفسية عامة، لكن لا أستطيع أن أقول إنه يسبب الوسوسة مثلا أو شيئا من هذا القبيل، لا أعتقد أبدا أن هذا الاضطراب له تأثير كبير عليك، ربما يكون هنالك تأثير بسيط جدا، ويجب ألا يكون شاغلا بالنسبة لك.
أيتها الفاضلة الكريمة: الدواء مهم جدا، ومفيد جدا لك، ولن تحتاجي لاستعماله لفترات طويلة، الـ (فافرين) من الأدوية الراقية جدا والممتازة جدا، والسليمة جدا، وغير إدمانية، ولا يضر بالهرمونات، ولا يزيد الوزن، أرجو أن تبدئي فيه وتتناولينه حسب ما وصفه لك الطبيب، ولا بد أن تصلي للجرعة العلاجية الصحيحة.
نعم أنصاف الحلول في العلاج لا تنفع، تناولي الدواء؛ لأن الدواء سوف يرفع عنك جهدا وكلفة نفسية كبيرة، نعم أنت لديك مشكلة المبايض، فلا أريدك أن تكوني مشغولة بأمور أخرى، الدواء سوف يساعدك بجانب ما وصفته لك -إن شاء الله- من إرشادات أخرى.
وطبعا الكثير من الناس يكتب الله لهم الشفاء تماما من هذه الوساوس، أنا أعرف من أصيبوا بالوساوس المطبقة، -ليس مثل حالتك البسيطة هذه-، وتم شفاؤهم تماما.
الدواء أنا أتصور أنك تحتاجين له على الأقل لمدة عام، وطبعا الجرعة تقسم إلى جرعة بداية وجرعة علاجية، وجرعة وقائية، وهذه الخطة هي مسؤولية الطبيب المعالج.
بارك الله فيه، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.