عرضت نفسي على رجل متدين فرفضني، فكيف أتجاوز ذلك؟

0 13

السؤال

عرضت نفسي على رجل متدين، بعد استخارة من خلال خطاب، وأعطيته هدية، ولكنه اعتذر بأدب شديد لأنه متزوج، وشكرني وعرض رد هديتي، ولكني طلبت منحها لزوجته، عوضا عن طلبي، فقبل ذلك ودعا لي.

بكيت طويلا، وشعرت أني أخطأت فيما فعلت، فأنا دائما أتعرض للرفض في مواقف شبيهة، لدي عقدة من ذلك، وأغضب لكون الهدية ذهبت لها!

أريد نسيان الموضوع، لأنه لا يستحق، فأنا لم أكن محبة أبدا للرجل، وهو لم يحرجني على الإطلاق، لكني لا أقاوم البكاء كلما تذكرت الموقف، لأني بذلت جهدا لأصل له بطريقة غير مباشرة، ربما الأمر فعلا لا يستحق، لكني لا أستطيع نسيانه، أشعر أني فعلا معقدة من الأمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ معتم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

بداية يظهر من سؤالك أن لديك شخصية حساسة، ومن خصائص الشخصية الحساسة أنها تميل إلى تضخيم المواقف، وتأويل النتائج قبل وبعد حدوثها، مما يؤدي إلى بناء أحكام ومشاعر وردود فعل سريعة، وقد تكون وهمية، هذا الأمر يسبب لك إرهاقا عاطفيا، وفكريا كبيرا، ويجعلك تعيشين في اضطرابات نفسية متكررة، عند مرورك بمواقف مشابهة، أو ما يذكرك بتجارب سابقة.

لذلك -أختي- من المهم أن تتعلمي إدارة شخصيتك الحساسة، بطريقة تساعدك على التعامل بسلام وهدوء مع المواقف التي تواجهينها في الحياة عموما، وخاصة السلبية منها، فالتراكمات الناتجة عن التعامل غير الصحيح مع هذه المواقف، قد تؤدي إلى مشاكل نفسية، مثل الحزن والاكتئاب والقلق المزمن، وغيرها.

لذلك فالعلاج يكمن في كيفية استجابتك للمواقف، والتعامل معها، وسنقدم لك بعض النصائح التي ستساعدك في مواجهة تلك المواقف السلبية، والتغلب عليها -بعون الله تعالى-:

أولا: تعزيز البناء الإيماني، أحد أهم أسس التعامل مع المواقف هو حسن الاعتقاد بالله، والتوكل عليه، والرضا بما يقدره لنا، هذا الاعتقاد يعزز الشعور بالرضا، وبالتالي يحقق الطمأنينة النفسية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

ثانيا: مزاحمة الأفكار السلبية بالإيجابية، يجب عليك إشغال نفسك بالأمور النافعة والمفيدة، مثل طلب العلم، تنمية المهارات، أو العمل التطوعي، هذا يساعد على تلاشي الأفكار السلبية تدريجيا، فالفراغ وقلة الاهتمامات الإيجابية، يجعل النفس أكثر عرضة للاستسلام لتلك الأفكار السلبية، والاسترسال فيها، وبالتالي الاستسلام لنتائجها.

ثالثا: النظر إلى الجوانب الإيجابية عند مواجهة أي موقف، من الخطأ التركيز فقط على النتائج السلبية، وإهمال الجوانب الإيجابية، النظر إلى الجوانب الإيجابية يساعد على تحقيق التوازن النفسي، ويساهم في إبراز الجوانب التربوية، حتى في المواقف التي نظن أنها شر تماما، سنجد أن فيها خيرا لم ندركه، بسبب جهلنا أو اندفاعنا وتفكيرنا في الجوانب السلبية.

لذلك -أختي الفاضلة- يجب أن تستثمري شخصيتك الحساسة لتطوير مهاراتك الإيجابية، الشخصية الحساسة تمتاز بدافعية قوية للتغيير وبناء الذات، لذلك لا تستسلمي للأفكار السلبية، أو تضخيم نتائج المواقف، فما قمت به من عرض نفسك على هذا الرجل الصالح ليس حراما أو منكرا، لكن ربما رفضه هو ما سبب لك الألم، فعليك أن توطني نفسك من البداية على احتمالية الرفض، أو حدوث نتائج سلبية في أي موقف، حتى لا تشعري بالصدمة، وهذا الأمر الطبيعي في أي موقف.

احرصي على الإكثار من الأعمال الصالحة، والأنشطة التي تملأ وقتك، فهي من أهم الأسباب التي ستساعدك على نسيان هذا الموقف وغيره، عليك أن تحرصي أن تكون علاقتك بالله قوية، وثقتك بقضائه وقدره راسخة، فهذه الأمور تخفف عن النفس ما قد يصيبها من تجارب الحياة الصعبة، وتذكري قول الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

لذا توقفي عن لوم نفسك واتهامها، وابدئي في تغيير واقعك ونظرتك للمواقف لتتغير النتائج، والحياة بشكل عام، بعون الله.

وفقك الله ويسر أمرك، وأذهب همك وحزنك.

مواد ذات صلة

الاستشارات