السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع، فأنا أجد حلولا لكثير من الإجابات على أسئلتي في هذا الموقع، أشكركم من قلبي، بارك الله في جهودكم.
عندي مشكلة أرهقتني جدا، أنا فتاة يتقدم لي خطاب لكني أرفض؛ بحجة أني غير متقبلة لشكلهم في معظم الأحيان، وأكون حقا غير متقبلة لشكلهم، حتى إني كلما سمعت أن أحدهم تقدم لي أشعر بضيق في صدري، وأبكي كثيرا، ولا أدري ما الذي يبكيني؟! -الحمد لله- لم يعد هذا يحدث كثيرا.
بعد تفكير كثير وجدت أني أرفض لأسباب متعددة، منها الخوف من النظرة الشرعية، حتى التفكير في هذا الأمر يرفع دقات قلبي، ولا أشعر بالارتياح لأي شاب متقدم لي!
منذ فترة قصيرة أرغمني والدي -بارك الله فيه- أن أقبل بشاب، ولم أكن مرتاحة له أبدا عندما كلمتني عنه والدتي، ولكني رضيت لكي لا أغضب والدي، وكنت محرجة جدا أمامه، حتى إني لم أكن أتكلم بطريقة جيدة، وانتهى الأمر بأن جاء الرفض منهم، ومع فرحي الشديد، إلا أن هذا يترك شيئا ما في صدري، وجعلني أخاف أكثر من النظرات الشرعية.
من الأسباب الرئيسية أيضا أن لدي طموحات، وأشعر أن الزواج الآن سيكون عائقا لي؛ لأني سأشغل تفكيري وبالي بهذا الخاطب أو الزوج، ولن أستطيع إنجاز ما أريد من نفع الأمة.
أشعر أني غير مثقفة في ديني بما يكفي لأكون زوجة وأما صالحة، ولا أريد أن أحاسب عن رعية لم أكن أرعاها جيدا بسبب جهلي.
أشعر أن هناك الكثير من الأمور يجب تعلمها مثل العقيدة والسيرة والتاريخ، وأنا لا زلت مبتدئة في كل هذا، لأني تربيت في بلد غير مسلمة.
أعلم أن الزواج سنة الحياة، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا به، وضميري يؤنبني دائما؛ لأني أشعر أني مخالفة لشرع الله، ومخالفة للفطرة، هل ممكن أن ترشدوني؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الطمأنينة والأمان.
أرجو أن تعلمي أن هذه الحياة ستمضي بالإنسان، وأن المؤمن والمؤمنة يصل إلى الطمأنينة ورضا الله تبارك وتعالى، بالمواظبة على ذكره وشكره، وحسن عبادته.
سعدنا بهذا التواصل بالموقع، وإظهار ما عندك، ومعرفة الإشكال، فإن الإنسان إذا عرف الإشكال سهل عليه الحل، إذا عرف المرض سهل عليه الوصول إلى العلاج، وما عندك -بحول الله تبارك وتعالى- قابل لأن يزول، وهذا الخوف ليس في مكانه الصحيح، وأنت و-لله الحمد- قادرة على تجاوزه، والدليل على ذلك أنك تجاوزت مراحل علمية؛ فأنت الآن طالبة ماجستير كما أشرت.
أرجو أن تعلمي أن مسألة الخطبة والارتباط هي من قدر الله تبارك وتعالى، والتلاقي فيها بالأرواح، فسيأتي الشاب الذي يعجب بك، وتعجبين به، وترتاحين إليه، ويرتاح إليك؛ لأن (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، وعليك أن تعلمي أن هذا الشاب الذي يتقدم، وكل الناس رجالا ونساء فيهم نقص؛ والنقص يطاردنا.
لذلك ينبغي أن لا تتعبي نفسك، فإن الإنسان يضعف ثقته في نفسه، عندما يظن أن الآخرين عندهم كمال، وأن فيه نقصا. أريد أن أقول: النقص يطاردنا جميعا، رجالا ونساء؛ فإذا جاء من يطرق الباب، فاستعدي للنظر إليه ورؤيته والكلام، هذا الشرع يبيحه للطرفين، وينبني على هذا أمور، يعني بعد ذلك ما ينقدح في النفوس من ارتياح، وانشراح، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
قطعا نحن لا نشجع رفض النظرة الشرعية ورد الخطاب؛ لأن هذا لن يكون في المصلحة، وليس من الصواب، ومسألة الطموحات، وأنك لا تجيدين اللغة، وأنك لا تعرفين الثقافة الإسلامية، كل هذا يمكن الحصول عليه بسهولة، فطالما أنت و-لله الحمد- مسلمة، وتفكرين بهذه الطريقة، بل خوفك من تحمل مسؤولية الرعية، هذا دليل على أنك ستنجحين، وستفلحين، بحول الله وفضله ومنه.
تعلم العقيدة والسيرة والتاريخ، هذه من السهولة بمكان، وهنا أيضا ينبغي أن تختاري، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يعينك على إكمال مشوارك التعليمي، فيما يتعلق بما لا يسع المسلم جهله من الأمور الشرعية.
كما أشرت فإن الزواج سنة الحياة، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا به، ونسأل الله أن يعينك عن الخير، فلست مخالفة للشرع؛ والإنسان قادر على أن يتجاوز هذا الرهاب وهذا الخوف الذي يظهر بسهولة، بالاستعانة بالله تبارك وتعالى؛ وقد مرت علينا تجارب كثيرة من بناتنا وأبنائنا، ممن عندهم مثل هذا الخوف، لكن سرعان ما يتبدل هذا الخوف إلى أمن وأمان وطمأنينة.
احرصي على أن تكوني مع الله، واجتهدي في تطوير ما عندك من المهارات، واكتشفي نقاط القوة عندك، واحرصي على تنميتها وزيادتها، وقبل ذلك شكر الله عليها، لأننا ننال بشكرنا لربنا المزيد منه سبحانه وتعالى؛ لأن الله يقول: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم).
نوصيك بالتواصل المستمر مع الموقع، ونكرر لك الشكر على الثناء بالموقع، ونحن في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يضع في طريقك من يعينك على الخير، ويرضيك بحياتك، وأن يجعل حياتك هانئة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.