السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب ملتزم بطلب العلم، ولكن أعاني من التلعثم، ومع طلبي للعلم، لا أستطيع نشر العلم، ولو حديثا واحدا.
كما لا أستطيع سؤال المشايخ وطلاب العلم؛ لأنني لا أتمكن من نطق بعض الحروف، ولا سيما عند الحديث مع جمع من الناس؛ حيث يولد ذلك خوفا في صدري؛ مما أثر علي كثيرا.
والآن أشعر بضيق وحزن يصل إلى درجة البكاء الشديد كل يوم، وقد بدأت أعالج نفسي بالحبة السوداء، وأيضا بشرب الماء المقروء عليه القرآن، وكذلك المداومة على الدعاء في أوقات الاستجابة، والإكثار منه.
أرجو منكم النصيحة، وما هي كيفية علاج التلعثم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية، وأسأل الله تعالى أن يحقق لك مقصدك بأن تمتلك ناصية العلم، وأن تبلغه.
(رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي).
أيها -الفاضل الكريم- الذي أتصوره من خلال ما ذكرته في استشارتك: أنك رجل فيك الحياء، والحياء شطر من الإيمان، وربما أيضا يكون لديك شيء من الخوف، أو الرهاب الاجتماعي، أو ما نسميه برهاب الأداء في مواقف معينة، وهذا قد يؤدي إلى التلعثم، والأعراض التي ذكرتها.
التخلص من مثل هذه الأعراض يكون من خلال التكرار والتمرين، التمرين المستمر، وتصحيح المفاهيم عن النفس، والذي يظهر لي أنك تقيم نفسك سلبيا، وبهذه الطريقة لن تستطيع أن تغير نفسك إيجابيا، والحمد لله أنت لديك العزم والقصد لاكتساب العلم، وهذا يجب أن يعطيك شعورا إيجابيا نحو نفسك.
أقول لك يمكن أن تقوم ببعض الأدوار التدريبية، مثلا: وأنت جالس في داخل الغرفة، قم بتصور أنك تقدم درسا علميا، أو درسا في الدين مثلا، أي حديث، أي أمر مهم من أمور العقيدة والفقه، وأنت داخل في الغرفة، قم بسرد ما تريد أن تقوله للمجموعة من الناس، تصور أن الناس يجلسون أمامك، وقم بتسجيل ما سوف تقوم بأدائه وسرده على التلفون، مثل المحاضرات الصغيرة، بحيث تكون أقل من 10 دقائق، بعد ذلك استمع لما قمت بتسجيله، وسوف تجد أن أداءك كان أداء جيدا، وهكذا تكرر هذا الأمر بمعدل مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، وفي كل مرة توسع من المادة التي تريد أن تحاضر فيها، وهذا نسميه التعريض في الخيال، وهو مهم جدا، ومفيد جدا.
حين تكون جالسا وحدك -قطعا- سوف تكون بحالة من الطمأنينة التامة، ولكن في ذات الوقت نريدك أن تتخيل أنك تقول هذه المحاضرة كأنك في داخل المسجد، أو في قاعة المحاضرات، وأن تتصور الناس يجلسون ويستمعون إليك، فتبدأ بسرد ما تريد أن تقوله، ثم تستمع لما سردته وحاضرت فيه، وهذا التمرين نسميه التعرض في الخيال، وهو ممتاز.
ثانيا: عليك بالقدوات، شاهد على اليوتيوب ما يقدمه المشايخ؛ فهنالك مادة غنية جدا على اليوتيوب، من المحدثين الكبار من المشايخ، وتشبه بهم، وحاول أن تستنبط وأن تلتقط ما يقولونه، ودرب نفسك عل هذا الشيء، وتصور أن هؤلاء العلماء قد بدؤوا بدايات بسيطة جدا، فلم يكونوا هكذا أصلا، ولكنهم كونوا ذواتهم وأنفسهم، وامتلكوا مهارات ومقدرات كبيرة جدا في الأداء من خلال الممارسة.
وهؤلاء العلماء فيهم الخجول، وفيهم الحيي، كما وأن فيهم من يتناول بعض الأدوية المضادة للخوف، فالأمر يتطلب منك هذا الجهد، وطبعا اكتساب المعرفة يكون من خلال الاطلاع والتكرار، وبهذه الكيفية ستتحسن كثيرا.
وهنالك أيضا ما نسميه بمهارات التخاطب، والإنسان حين يخاطب شخصا، أو أشخاصا؛ فإنه يجب أن يراعي تعابير وجهه، فتبسمك في وجه أخيك صدقة، ويجب أن تراعي نبرة الصوت، ويجب أن تراعي لغة الجسد، وخاصة حركات اليدين، ويمكن أن تشاهد هؤلاء المذيعين مثلا في التليفزيونات، أو الخطباء، وهم يهتمون بذلك كثيرا، فقم بأخذ القدوة منهم.
وأنا أبشرك أيضا أنه توجد أدوية ممتازة جدا ستساعدك -إن شاء الله- في تخطي هذه المرحلة، وهنالك دواء ممتاز يسمى زيروكسات، واسمه العلمي باروكستين، أريدك أن تتناوله بجرعة نصف حبة؛ أي عشرة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على 20 مليجرام، تناول هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة -أي 20 مليجرام- لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها نصف حبة 10 مليجرام يوميا يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
هذا دواء متميز جدا لعلاج رهاب الخوف عند المواجهات، ويوجد دواء آخر بسيط جدا يسمى أندرال، واسمه العلمي بروبراننول، أريدك أن تتناوله بجرعة 10 مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم 10 مليجرام صباحا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.
بصفة عامة: احرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، وشارك الناس في أفراحهم، وقم بزيارة المرضى، وامش في الجنائز، وصل الأرحام، وتفقد الجيران، ومارس رياضة جماعية مثل كرة القدم، وهذه كلها علاجات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.