السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب في المرحلة الثانوية، في المستوى الثالث، أصلي صلواتي الخمس، وأحاول التقرب من الله، ولكن منذ 3 أشهر أحببت فتاة، ونيتي أن أتزوجها، وهي من محافظة أخرى، وكنت أكلمها، ثم اتفقنا ألا نفعل ذلك من أجل مرضاة الله، فهل يكفي ذلك أم أقطع علاقتي بها حتى لا تشغلني عن طاعة الله وبر الوالدين؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات سلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على تجنب الحرام، وحفظ هذه البنت من الوقوع فيما يغضب الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.
ومع تقديرنا وإكبارنا لحرصك على الابتعاد عما يغضب الله تعالى، وتجنيب هذه الفتاة ما يكون من هذا العمل أيضا، إلا أننا نود -أيها الحبيب- أن نذكرك بحقيقة ربما غفلت عنها، ولكن الله تعالى علمها، وشرع من الأحكام ما يتناسب مع حالك، وهو أرحم بك من نفسك، وأعلم بما يصلحك، وقد علم الله تعالى شدة افتتان الرجل بالمرأة، وأن الشيطان حريص كل الحرص على أن يجره إلى الفواحش خطوة فخطوة، فحذرنا الله تعالى من هذا أبلغ تحذير، وقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.
فإنه يبدأ إذا بالخطوة البسيطة السهلة، وربما المباحة؛ ليكون آخر الطريق الفاحشة والمنكر، ولهذا جاءت شريعة الله تعالى بقطع الطريق على هذا الشيطان، وسد الأبواب التي يمكن أن يتسرب من خلالها إلى هذا الإنسان، فحذرنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- من كل أسباب الفتنة، وبالغ -عليه الصلاة والسلام- في وصف هذه الفتنة حتى يجليها ويوضحها، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
وأخبر -عليه الصلاة والسلام- بأن الشيطان محيط بهذه الفتنة؛ فهو حريص على استعمال المرأة للإضلال والدعاية إلى الهوى والرذيلة، فهو يحسنها ويجملها في كل شيء من شأنها أمام الرجل الأجنبي، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان)، قال العلماء معناه أنه يحاول تجميلها وتحسينها في نفوس الرجال ليحصل الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهن، وما يتعلق بذلك.
فكل ما شرعه الله تعالى من الأحكام المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية المقصود منه هو حفظ الرجل والمرأة، وتجنيبهما أسباب الوقوع فيما حرم الله تعالى، فينبغي أن نتعامل مع هذه الأحكام والآداب بحرص وجد، وأن نعلم أن الله تعالى شرعها من أجل مصلحتنا، فحرم الله تعالى نظر الرجل للمرأة الأجنبية، فقال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} وقال: {وقل للمؤمنات يغضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.
وأمر النساء -وكان الخطاب موجها لأشرف نساء هذه الأمة، وأطهرهن، وهن أمهات المؤمنين، زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، فمنع المرأة من أن تتكلم بكلام لين فيه خضوع، لأنه يستثير مكامن الهوى والشهوة في النفس البشرية.
وحرم على المرأة أن تضع حجابها أمام رجل أجنبي، وحرم الخلوة بين الرجل والمرأة، والمس بين الرجل والمرأة، وكل هذه الأحكام هي في الحقيقة سد لأبواب الشيطان، وقطع لذرائعه ووسائله.
ونحن ننصحك -أيها الحبيب- بأن تأخذ بهذه الآداب، وأن تلزم نفسك بها؛ فهذه الفتاة ينبغي أن تقطع علاقتك بها قطعا كليا، وإذا كنت حريصا على أن تتزوج بها في المستقبل، فنصيحتنا لك أن تبقي الاتصال بها عن طريق أخواتك أو أمك، ونحو ذلك؛ فإن العلاقة بينكما وإن بدأت بشيء مباح من الكلام، لكنه في الحقيقة سبب قوي وذريعة موصلة إلى ما حرم الله تعالى من أنواع المعاصي، فالخير كل الخير في أن تريح نفسك من هذا الشر، وتقطع على الشيطان طريقه، وبذلك تحفظ نفسك، وتحفظ قلبك أيضا، فإذا جاء الوقت الذي ييسر الله تعالى فيه الزواج بها، ورأيت بأنها هي الأنسب لك، فحينها أقدم على ما ينفعك.
فالعمل بهذه التوجيهات هو الموقف الصحيح الموافق لتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، فالحديث معها، والتواصل بها في هذه المرحلة العمرية التي أنت فيها، وبهذه الطريقة لا ينفعك، بل يضرك.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.