السؤال
السلام عليكم.
أعلم أنني أبدو مترددة، وربما خجولة جدا للتحدث عن مشاعري بصراحة، لكنني أشعر أنني بحاجة للكتابة لأتمكن من التعبير عما يثقل قلبي.
منذ فترة طويلة وأنا أعيش في صراع مستمر مع نفسي ومع جسدي، قد لا يظهر ذلك دائما، وهناك خوف دائم يرافقني، خوف من أنني لست جميلة بما فيه الكفاية، أصبح المكياج جزءا لا يتجزأ من حياتي، لا أجرؤ على الخروج بدونه، وكأنني بدون مكياج سأكون مجرد نسخة باهتة، غير مرئية ولا قيمة لها.
لقد عشت سنوات من القلق حول وزني ومظهري، كلما ازداد وزني، شعرت بالخوف من فقدان السيطرة، خمس سنوات من العيش مع فقدان الشهية تركت في داخلي آثارا عميقة، وحتى بعد أن استعدت وزني، لا يزال عقلي يلاحقني، يجعلني أخاف من تناول الطعام، ويجعلني أرى الطعام كعدو، أحيانا أبكي بعد تناول وجبة، وفي أوقات أخرى أجد نفسي أتقيأ دون إرادتي، لم أعد أتحمل هذه الدوامة التي تبتلعني.
لقد حققت الكثير في حياتي من ناحية الدراسة والمهارات الاجتماعية، لكن بمجرد أن يتعلق الأمر بمظهري، ينقلب كل شيء، أشعر أنني عالقة في حلقة مفرغة، وكأن كل التقدم الذي حققته لا يمكن أن يحررني من هذه الأفكار المتكررة، أعيش فقط على بعض الأطعمة المحدودة.
الأمر الذي يجعلني أتردد أكثر في مشاركة هذه الأفكار هو الخوف من أن تعتبر كل هذه المخاوف تافهة مقارنة بما يحدث لإخواننا في غزة، لكنني أشعر أن هذه المشاكل تتحكم في حياتي بأكملها وبمستقبلي.
أيضا العفو منكم، أشعر بالخوف من فكرة العلاقة الخاصة، لا أستطيع حتى أن أتصور نفسي عارية أمام زوجي المستقبلي، أخشى أن ينتقد جسمي، أو أن يلاحظ قلة ثقتي بنفسي، أو أن يقول لي كلاما جارحا، فكرة نزع ثيابي أمام عينيه تقلقني.
شكرا مسبقا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- مجددا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذه التفاصيل في هذا السؤال.
أختي الفاضلة، من سؤالك هذا، وسؤال سابق لك، واضح أنك تعانين من نوع من اضطرابات تناول الطعام، وهو البوليميا النرفوزة (Bulimia Nervosa)، وهي حالة نفسية، معظم من يعاني منها هم الفتيات، حيث يكون عندهن قلق زائد من الوزن، والطعام، والخوف حتى من الطعام، وهذا واضح من سؤالك، ويكون عند المصابة اضطراب في صورتها الذاتية عن جسدها، فقد تعتقد أنها غاية في البدانة، مع أنها نحيفة، أو العكس كذلك.
لا شك أن علاج البوليميا ليس بالأمر السهل، وهو يتوقف على ثلاثة أمور:
أولا: العلاج النفسي المعمق والذي يحتاج إلى جلسات طويلة، نستعمل فيها غالبا العلاج المعرفي السلوكي لتغيير الكثير من القناعات والأفكار الموجودة عندك.
ثم ثانيا: نمط الحياة من ناحية التغذية، والاتفاق على الوزن المرغوب فيه، والشكل المرغوب فيه..إلى آخره، وبالتالي هذا يحتاج إلى تدخل من أخصائية التغذية.
ثم الأمر الثالث: وهو الأدوية، ولكنه الأقل أهمية في حالة البوليميا.
أختي الفاضلة: واضح أنك شابة ناجحة في الحياة، ولكن هذه البوليميا بدأت تؤثر على كامل جوانب حياتك الشخصية، وربما الأسرية، وحتى أنها بدأت تقلقك فيما يتعلق بمستقبل حياتك من زواج وغيره، لذلك كي لا تطول المعاناة، أنصحك بأن تراجعي مركزا علاجيا متخصصا في علاج اضطرابات تناول الطعام، وخاصة البوليميا؛ لأنك كما ذكرت تحتاجين إلى العديد من الجلسات والمتابعة من قبل الطبيب النفسي، أو الإخصائية النفسية، وإخصائية التغذية.
أرجو أن لا تتردي أو تتخوفي في المراجعة هذه لتضعي قدمك على بداية طريق التعافي -بإذن الله عز وجل-، ولا بأس أن تقرئي كتابا عن البوليميا؛ فإن هذا يمكن أن يساعدك أيضا.
داعيا الله تعالى لك بتمام الصحة والسلامة.