اكتشفت أن كل مخاوفي التي أتعبتني لسنوات مجرد وهم.. أرشدوني

0 14

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم وفي جهودكم، وكان الله مع إخواننا في غزة ونصرهم وأيدهم ومكنهم. أنتم أهل ثقة ومعرفة، والأهم مخافة الله، لذا عندي استفسار نفسي وفكري وطبي أيضا، وكأن سؤالي معرفي (أكثر من علمي).

أعيش بقلق وراثي، حيث إنه موجود في كل العائلة، لكني بنص القرآن بلغت أشدي، حيث تجاوزت 40 سنة، أشعر أنني أسير نحو إدراك حقائق تفسر أن كثيرا مما مضى كان وهما ومراء وزيفا، ضيعت عمري وأنا أخاف الجلطة، وإذ بي أفهم أن أسبابها ليست عندي، حيث يطمئنني دوما أطباء القلب -مع الفحوصات السليمة- بأنه لا يوجد أي خلل في القلب في كل العائلة، وهذا يعني أن خوفي طوال 25 سنة الماضية غير مبرر كونه غير علمي أصلا!

خفت من تسارع نبضي لسنوات ومع الإكسوميتر، وفي المواقف التي أكون متيقنا فيها أنني متسارع النبض بشكل خطير يكون نبضي عاديا، وفي أكثر الحالات سوءا يتجاوز الـ 100!

متيقن أنني سأكون صاحب أموال طائلة، لأكتشف أن هذا مرض يصيب معظم البشر، ومتيقن أن كذا، ويكون هذا الكذا إما مصدر رعب، أو قلق شديد، أو رجاء جميل مع ظن بتحققه، والحقيقة لا أساس معرفي لهذا، مثل أن أخاف من ألم في أصابع قدمي، وأخشى على قرنية عيني، ويكون السبب مثلا كدمة أثناء الرياضة، أو تيقن من امتلاك موهبة، أو مهارة، أو شهرة، أو مال، ويكون الكل هكذا، وهو مجرد إحساس قد يصل لحد المرض النفسي المنتشر.

لم أعد أخاف من الموت، علما أني كنت مرعوبا منه سابقا، وهو عندي شرط حياة، تماما مثل العيش، متزن جدا، ولي دفاعاتي النفسية المتينة، ولكن يتملكني التسريب بين فينة وأخرى؛ لأصاب بالقلق، وأستسلم، وأتناول الليكسوتانيل.

أنا -بفضل الله- مضرب مثل عند كل من يعرفني، ومحبوب، وتقي، وأتحرى الحلال في كل شيء، فما هذا الذي أنا فيه؟ هل هو طبيعي عند الكل؟ أم سأصل لمرحلة وأجد أن كل ما مضى مجرد وهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- مجددا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك ثقتك في هذا الموقع وتفاعلك معه، وأيضا تعاطفك مع إخواننا في غزة، ندعو الله تعالى لهم بالنصر والثبات.

أخي الفاضل: إن ما ورد في سؤالك نسميه أزمة منتصف العمر، وهي عادة تحدث في الأربعينات من العمر، حيث يعيد الإنسان النظر في حياته، ماذا أنجز حتى الآن؟ وكيف وضعه الآن؟ وإلى أين المصير في المستقبل؟ وربما يعاني من هذه الأزمة 10 إلى 20% من الراشدين، الذين وصلوا إلى الأربعين وما بعد الأربعين، حيث يفكر الإنسان في مجريات حياته، وماذا حقق، وماذا أنجز؟

لاحظت -أخي الفاضل- من سؤالك أنك أستاذ مشارك، فهذا أمر طيب، دليل على أنك وصلت إلى شيء معقول من الإنجاز، وتحقيق أمنياتك في هذه الحياة. تترافق أزمة منتصف العمر أحيانا ببعض مشاعر الحزن، وضعف الثقة في النفس، أو الملل، أو الشعور بأن الإنسان لم يحقق ما كان يتطلع إليه، ويحن إلى الماضي، وربما الندم على بعض الأمور التي بدرت منه في الماضي.

أخي: تتعدد أسباب أزمة منتصف العمر هذه كما ذكرت، حيث تحصل في الأربعينات من العمر، ويشعر الإنسان معها بأنه لن يخلد، مما يمكن أن يسبب شيئا من التشوش الذهني، وتختلف ردود فعل الناس على هذه الأزمة، بين من يشعر بالقلق، ويحن إلى سن الشباب، أو يقوم بتغيير جذري في نمط حياته، ليستدرك ما فات من الزمن، وقد تكون هي أحيانا شديدة عند بعض الناس.

مما يمكن أن يعينك على تجاوز هذا الأمور الآتية:

أولا: تذكر إنجازاتك، وما حققته في حياتك.

ثانيا: اذكر لنفسك بعض العبارات الإيجابية، التي تنم عن جهد بذلته في الماضي، ومن خلاله حققت بعض الإنجازات.

ثالثا: تذكر -أخي- قيمك وأهدافك في الحياة، متذكرا قول الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، فنحن لسنا في هذه الحياة إلا لعبادة الله -عز وجل-، وطبعا بالمفهوم الشامل للعبادة، والذي هو كل ما له علاقة بالحياة الطيبة، وليس فقط مجرد الطقوس الدينية.

رابعا: حاول النظر إلى الأمور الإيجابية في حياتك.

خامسا: أنصحك أن تفكر في الزواج، فإن الزواج سكن للإنسان، فأرجو أن تبادر في هذا الاتجاه، مقتديا بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

وأخيرا: اعط نفسك شيئا من الوقت، لتستثمر في رعاية نفسك، متذكرا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لنفسك عليك حقا"، وهذا الحق هو أن تراعي نفسك من حيث العبادات، الصلاة، وتلاوة القرآن، والنشاط البدني، والنوم المناسب، والتغذية المتوازنة، بالإضافة إلى الهوايات المفيدة، وحسن التواصل مع أفراد أسرتك وأقاربك وأصدقائك، فالإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويريك طريق الحق، ويلهمك صواب الرأي في القول والعمل.

مواد ذات صلة

الاستشارات