السؤال
المشاعر والأفكار السيئة، مثل الغل والتشفي، والفرح بمصائب الظالم، وتمني الشر له، والشعور بالحزن، والضيق إذا تذكرت ظلمه الآثم لي، والضيق عند فرح من ظلمني، هذه المشاعر والأفكار السيئة، هل لها صلة بالوساوس؟ وإذا لم أسترسل معها هل أؤجر؟ وإذا سامحت من ظلمني، فهل دعواتي على الظالم تضرني، أو تؤثر على أجر مسامحتي لمن ظلمني؟ وهل تؤثر على سلامة قلبي؟ علما بأني لو صدر مني إثم وظلم واعتداء في الدعاء تجاه من ظلمني، فإني أرجع وأتوب إلى الله مهما تكرر مني هذا.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- مجددا في استشارة إسلام ويب.
أولا: نهنئك -بفضل الله تعالى- عليك بتوفيقه لك إلى اتخاذ طريق العفو والصفح عمن ظلمك طريقا ومسلكا، هذا من إحسان الله إليك وتوفيقه لك، فينبغي أن تشكري هذه النعمة العظيمة، فإن كظم الغيظ وضبط النفس حينما يكون الإنسان مظلوما ليس بالأمر الهين السهل، ولكن إذا وفق الله تعالى الإنسان لهذا الطريق فينبغي أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أعانه على خير كثير، وأنه يريد له الأجر الكبير والفضل العظيم.
قد جاءت أحاديث كثيرة مرغبة في العفو والصفح، كما قال ﷺ في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: (ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم)، وقد صححه الشيخ الألباني، وكذلك قوله ﷺ: (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا). وقال عليه الصلاة والسلام: (يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعفو عمن ظلمك).
هذه الأحاديث وغيرها كثير يبين فيها النبي ﷺ عاقبة العفو ونهاية الصفح، وأن الإنسان إذا سامح من ظلمه وأساء إليه؛ فإن هذا المسامح هو الرابح، وهو الذي فاز بأكبر من المظلمة التي تنازل عنها.
أما ما ذكرته من الوساوس التي ترد عليك، والتذكر لمظلمتك، وفرح الظالم عند ظلمك، وغير ذلك، فهذه الأفكار لا تضرك أبدا -إن شاء الله- ولا تؤثر على أجرك، وإنما يحاول الشيطان أن يصدك عن هذا الطريق من طرق الخير، ويصرفك عن هذا الباب من أبواب الأجر والثواب، فيحاول أن يغيظ قلبك من جديد لتتراجعي عن الحسنة التي فعلتها، فلا تلتفتي إلى هذه الأفكار أبدا، ولا تشتغلي بها، أعرضي عنها، وكلما كتمت غيظك حينما يذكرك الشيطان؛ فإن لك في هذا الكتم -إن شاء الله- أجر كبير.
العلماء يقررون أن الإنسان إذا وقع منه الحسد للآخرين، فكره منها هذا الفعل، ولم يرض من نفسه هذا السلوك، فإنه لا يأثم بهذا، فأنت -إن شاء الله- على خير، فاستمري على ما أنت عليه من العفو والصفح، وجاهدي نفسك لمدافعة هذه الأفكار والوساوس، وسييأس الشيطان منك عن قريب بعون الله.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.