الوسواس القهري أرهقني وأشعر أني أقول أشياء لا أريدها!

0 11

السؤال

السلام عليكم.

تأتيني أفكار دائمة سيئة، وخاصة عندما أدخل الخلاء، أحس أني أتلفظ بغير الشهادة، وعندما أخرج أحس أني لا بد أن أغتسل وأتوب إلى الله، وبالفعل أفعل ذلك، ثم يتكرر معي هذا الموضوع، وأغتسل مرة أخرى، لقد تعبت من هذا الأمر، مع العلم أني أتناول دواء الستاتومين.

دائما أشعر بضيق في صدري، وأشعر أني أقول أشياء محرمة رغما عني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أول مبدأ علاجي بالنسبة للوساوس القهرية هو ألا يكافئ الإنسان الوسواس، ربما يكون هذا الأمر ليس بالسهل، لكنه ليس بالمستحيل، وأقصد بمكافأة الوسواس الاستجابة لما يطلبه الوسواس من الإنسان، فمهما كانت الأفكار مستحوذة وملحة ومتسلطة، فيجب أن تكون هنالك مقاومة، ورفض تام للوسواس، وعدم استجابة لما يطلبه الوسواس، فإنه لا راحة لك منها إلا بتحقيرها والإعراض عنها، عملا بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فليستعذ بالله ولينته).

أما إذا قابلت هذه الوساوس بالاعتناء والاهتمام والاشتغال بها، والبحث عن إجابات عن أسئلتها؛ فهذا لا يعني إلا المزيد من المشقة، والمزيد من الضيق والحرج والعنت الذي يريد الشيطان أن يوقعك فيه، والله تعالى نهاك عن متابعة خطوات الشيطان، فكوني جادة في معالجة هذه الوساوس، وحريصة على إراحة نفسك منها، ولا يمكن أن تتخلصي من شرها وسوء ما فيها إلا بجديتك وعزيمتك على ذلك.

أنت ذكرت أنك تحسين بأهمية وضرورة الاغتسال والتوبة إلى الله تعالى، وتكررين هذا الفعل -أي فعل الاغتسال- وهذا مكافأة كبيرة جدا للوسواس؛ فهو يدعم الوسواس، لكن إذا قاومت هذا الموضوع، ورفضت ذلك رفضا تاما، وفي ذات الوقت خاطبت الوسواس قائلة: (أنت فكر خبيث، أنت فكر حقير، أنا لن أتبعك أبدا، أنا طاهرة، أنا مسلمة).. وهكذا، فإن هذه المحاورات الداخلية ستكون إيجابية، وتعين في ضعف الوسواس.

بعض الناس يحاورون أنفسهم حوارا سلبيا، بمعنى (نعم حاضر، سوف أطبق، أنا أقوم بكذا) حتى يرتاح، لا؛ هذا حوار سلبي، الحوار الإيجابي يكون فيه غلظة شديدة على الوسواس، أن يخاطب بتحقير وبغلظة، وأن تهان هذه الأفكار ولا تتبع.

طبعا هذا سوف يولد قلقا شديدا؛ لأن الوسواس ملح ومستحوذ، لكن بالاستمرار في التحقير، وصرف الانتباه تماما، والمقاومة على عدم الاستجابة؛ هذا في نهاية الأمر سيؤدي إلى انفراج كبير في الأفكار، وفي المشاعر، وسوف تحسين -إن شاء الله تعالى- أنك قد انتصرت على هذا الأمر.

فإذا هذا مبدأ علاجي مهم، وهو مبدأ التجاهل والتحقير، وفي ذات الوقت اصرفي نفسك إلى فكرة أخرى مخالفة، بدل التفكير في موضوع الغسل وتكراره، فكري في دراستك، فكري في شيء مستقبلي إيجابي، شيء يهم الأسرة، شيء يضيف أمورا أفضل لحياتك، وهكذا.

وهنالك تمرين ثالث، وهو تمرين التنفير، أيضا من التمارين الجيدة، اجلسي داخل الغرفة في مكان هادئ، مثلا أمام الطاولة، وقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة شديدة حتى تحسي بالألم، الشعور بالألم يربط مع الفكرة الوسواسية، وعلماء السلوك يؤيدون أن هذا الربط ما بين الألم -وهو شعور مرفوض- مع الوسواس سوف يضعفه، وهذا التمرين يكرر 20 مرة متتالية صباحا ومساء، وبعد أسبوع إلى أسبوعين سوف تجدين أن الوساوس قد اختفت تماما.

طبعا لا بد أن أذكر لك أنك قبل أن تدخلي في هذه البرامج العلاجية يجب أن تكتبي أفكارك بصورة واضحة جدا –أقصد الأفكار الوسواسية- وتبدئي بأضعف الأفكار، ثم بعد عزيمتك الصادقة وأخذك بالأسباب للتخلص منها، اكتبي بعد ذلك الفكرة التي تليها في الشدة، وهكذا حتى تصلي إلى أكثر الأفكار استحواذا، ثم طبقي ثلاثة تمارين على كل فكرة، والثلاثة التمارين هي: التحقير، صرف الانتباه، والتنفير.

بجانب التمارين التخصصية عليك بهذه الأمور المهمة، وهي:
- حسن إدارة الوقت.
- التخلص من الفراغ؛ لأن الفراغ الذهني أو الفكري يؤدي إلى ظهور الوساوس وبشدة.
- النوم الليلي المبكر.
- العبادة والصلاة على وقتها، وبالصورة المنضبطة والصحيحة.
وهكذا، هذه -إن شاء الله- تصرف انتباهك أيضا عن الوسواس، وتعاملك بجد مع وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواجهة الوساوس من أفضل الأدوية التي تعالج الوساوس القهرية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: طبعا عقار الـ ( Statomain ستاتومين)، وهو (Fluvoxamine فلوفوكسامين)، والذي يعرف باسم (Faverin فافرين)، وفي مثل حالتك فإن الجرعة القصوى مطلوبة، وهي 300 ملغ يوميا، وهذا طبعا يجب أن يكون تحت إشراف طبيبك المعالج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات