السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شخص ملتزم بالصلاة في وقتها، من الفجر إلى العشاء، وأحرص على صلاة الوتر والسنن، وأتقرب إلى الله بالصدقات، وقراءة القرآن، لكني أشعر أحيانا أني أقوم بهذه الطاعات، أملا في التوفيق في الدنيا أكثر من محبتي لله وحده، مع أني -ولله الحمد-، أسعى أن يكون كل ما أفعله خالصا لله تعالى، فأحيانا إذا شعرت بالتكاسل عند الاستيقاظ لصلاة الفجر، أتذكر أنه لن يكون هناك بركة في يومي، أو توفيق إن لم أصل، مما يجعلني أخاف أن يكون دافعي للعبادة مزيجا من رجاء رضا الله، ورغبتي في التيسير الدنيوي.
أود استشارتكم حول كيفية تصحيح نيتي في العبادة، بحيث تكون خالصة لحب الله ورضاه أولا، ثم أتمنى أن يكون فيها بركة وتوفيق في حياتي، كذلك أرغب في معرفة ما إذا كان تصرفي هذا حلال أم حرام، حيث أخشى أن يكون تفكيري في التوفيق الدنيوي مؤثرا على إخلاص نيتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
أولا: نهنئك بفضل الله تعالى عليك حين يسر لك هذه العبادات، وأعانك على الالتزام بها، والمداومة عليها، فنسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا، ونوصيك بشكر هذه النعم، ومن مظاهر شكرها المداومة عليها، والاستمرار عليها، ونسأل الله تعالى أن يعينك على الخير، وييسره لك.
ثانيا: نود أن نطمئنك بأن قصدك تحصيل التوفيق في دنياك، وجلب الخيرات في هذه الدنيا، بالإضافة إلى أجر الآخرة، وثواب الله تعالى في الآخرة، نود أن نطمئنك بأن هذه النية وهذا القصد لا يضرك في عملك، ولا ينافي الإخلاص، فإن -الله تعالى- جعل للأعمال ثوابا عاجلا في الدنيا، وثوابا آجلا في الآخرة.
فإذا قصد الإنسان بعمله تحصيل الثوابين، فهذا لا ينافي، ولا يعارض إخلاص النية، وإن كان الأفضل والأعلى أن يجعل نيته ابتغاء مرضاة الله تعالى، وإذا نوى ذلك، فإن ما رتبه الله تعالى على العمل من الخيرات في الدنيا والآخرة، فإنه سيأتيهم لا محالة، كما قال -الله تعالى- في كتابه الكريم: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}، هذا هو الأفضل والأعلى.
ولكن إذا قصد الإنسان بعمله تحصيل المنافع الدنيوية مع المنافع الأخروية، فإن هذا لا يعني أن نيته فاسدة، وأنه غير مخلص في عمله، والعلماء يقررون هذا في كلامهم، وفي كتبهم بكثرة، ومن ذلك ما قاله العلامة السعدي -رحمه الله تعالى- إذ قال: "قصد العامل ما يترتب على عمله من ثواب الدنيا، لا يضره إذا كان القصد من العمل وجه الله، والدار الآخرة، فإن الله بحكمته ورحمته رتب الثواب العاجل والآجل ووعد بذلك العاملين، لأن الأمل واستثمار ذلك ينشط العاملين، ويبعث هممهم على الخير" انتهى كلامه -رحمه الله-. وقال أيضا: "المؤمن الصادق يكون في فعله وتركه مخلصا لله، مستعينا بما في الأعمال من المرغبات المتنوعة على هذا المقصد الأعلى".
وبهذا تبين لك أن قصدك تحصيل بعض المنافع الدنيوية، لا يعني أنك غير مخلصة في العمل، ولكن بالمجاهدة -إن شاء الله-، والتدريب والتمرين، ستصلين إلى الحالة الأعلى والأكمل، وهو أن تقصدي بعملك إرضاء الله تعالى، وإذا رضي عنك أعطاك خيره في دنياك وفي آخرتك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.