أدعو الله أن تكون من نصيبي رغم أنها اختارت شخصاً غيري!

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت على فتاة وتحدثنا لفترة قصيرة، بغرض التعرف على بعضنا؛ لعلاقة جدية تنتهي بالزواج، لاحقا بدأت تبتعد تدريجيا، وابتعدت تماما، خلال تلك الفترة، بدأت أدعو الله أن يجعلها من رزقي ومن نصيبي، وأصبحت أكثر التزاما بالصلاة في وقتها، والدعاء في أوقات الإجابة، مثل: بين الأذان والإقامة، وصلاة الفجر، والتهجد.

بالرغم من ذلك، اختارت المضي قدما مع شخص آخر بنية الزواج، وانقطع التواصل بيننا تماما، شعرت بخيبة أمل كبيرة، وقررت التوقف عن الدعاء لها لفترة.

بعد ذلك، صليت الاستخارة مرتين، وشعرت بعدها بالهدوء والسكينة، كأن عبئا كبيرا قد أزيل عني، راودني حلم في تلك الليلة بأنني أطلق النار على أشخاص في محل، لكنهم لم يموتوا، بل تعرضوا لجروح خفيفة، وكنت خائفا من القبض علي دون أن يحدث ذلك.

عاد إلي الإحساس باليقين بأن الله سيجمعني بها في الوقت الذي يحب وعلى الوجه الذي يحب، رغم أن العلاقة كانت محرمة، فإن النية كانت الزواج بما يرضي الله.

سؤالي هو: هل أستمر في الدعاء لها أم أتوقف؟ أخشى أن أترك الدعاء وهي من نصيبي، حيث يمكن أن يكون الأمر مدبرا من الله -عز وجل- لي في الوقت الأنسب، مع العلم أنني ما زلت مستمرا بالدعاء.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

لا بد أن تعلم أن الذي يقدره الله هو الخير، والأمر كما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار) وعليه نحن ننصح أن تدخلها في دعوتك العامة لجميع المسلمين، أما أن تخصص الدعاء فهذا يعني ارتباطك وتعلقك بها، في الوقت الذي أدبرت هي واختارت طريقا آخر.

عليه أرجو أن يكون همك أن تؤسس حياتك على أسس صحيحة، واعلم أن الرباط الناجح هو الذي يكون فيه توافق بين الطرفين، فيه ميل مشترك، فيه ارتياح مشترك، وهذا أيضا يبدأ بمجيء البيوت من أبوابها.

وعليه أرجو تجنب الخطأ الذي حدث، فمن الخطأ أن يبدأ الشخص بعلاقة، ثم بعد ذلك يقول ستنتهي بالزواج، أو بعد ذلك؛ لأن البدايات الخاطئة لا توصل لنتائج صحيحة.

أي شاب يجد في نفسه ميلا لفتاة أول خطوة يخطوها أن يتأكد من كون هذه الفتاة تصلح أن تكون زوجة وأما صالحة، تربي الأبناء على الدين، ثم بعد ذلك يطرق الشاب باب أهلها، ويخبر أهله، ليتأكد من إمكانية إتمام هذا المشوار، وهذا هو أكبر برهان على صدق الطرفين، (أن يطرق الباب، وأن يقبل، ثم يحصل القبول والرضا به منها ومن أهلها)، بعد ذلك يحضر أهله ويشرك الجميع؛ لأن العلاقة ليست بين شاب وفتاة فقط، بل هي علاقة بين أسرتين، وبين بيتين، وبين قبيلتين.

فلذلك نتمنى أن تستفيد من الدرس الذي حصل، وتؤسس فكرة بناء البيت على القواعد الصحيحة، تبدأ بالبحث والتحري، وإذا وجدت من تناسبك -أو وجدت لك الوالدة، أو العمة، أو الخالة- من تناسبك؛ عند ذلك ترسل الوالدة لتتشاور مع أهل الفتاة وأمها، فإذا وجدنا قبولا ووفاقا مبدئيا، عند ذلك لا مانع أن نأتي بالوجهاء ليطلبوا يد الفتاة بطريقة رسمية، وعند ذلك تبدأ العلاقة الزوجية الصحيحة الحلال، التي تبدأ بمجيء البيوت من أبوابها، تبدأ بالموافقة الشرعية، والتأكد من إمكانية الإكمال.

من حق كل طرف أن يسأل عن الطرف الثاني، عن دراسته، عن دينه، عن أسرته، هذا حق للطرف؛ لأن الأسرة مشوارها طويل، وتعتريها صعوبات، وفيها عيال وأحفاد وأصهار، الإسلام حرص على أن يكون البناء صحيحا، وعلى أن تكون الخطوات صحيحة.

ونحمد الله تبارك وتعالى أن البدايات الخاطئة توقفت، وعليه أيضا نذكرك بضرورة أن تحدث توبة نصوحا من هذا الذي حدث؛ لأنه ليس لك أن تتواصل مع الفتاة أو مع غيرها، إلا عبر الخطوات الشرعية التي أشرنا إليها، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

لاحظ هذا الجزء من دعاء الاستخارة: (واقدر ‌لي ‌الخير ‌حيث كان)، لأنك لا تعلم ما هو خير لك، فإنك تسأل الله أن يختار لك، وتقول في دعائك: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك، فإنك تعلم، ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، إن كان هذا الأمر خيرا لي في ديني، وخيرا لي في معيشتي، وخيرا لي فيما يبتغى فيه الخير فيسره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلم غير ذلك هو خير لي، فيسره لي، ورضني بالذي قضيت، ‌واقدر ‌لي ‌الخير ‌حيث كان، فالنعمة تكتمل عندما يرضى الإنسان بقضاء الله وقدره، وما يقدره الله تبارك وتعالى، وقد قال الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

عليه مرة أخرى: أدخل هذه الفتاة في الدعاء العام كغيرها من المسلمات؛ مثل: (اللهم أصلح بنات المسلمين) لأن الدعاء المستمر لها يعني التعلق المستمر، وأنت تتعلق بواحدة تركتك ومضت إلى غيرك، فلا تجر وراء السراب، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ونبشرك بأنها إذا كانت من نصيبك فسوف تتغير الأمور، فالكون هذا ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ولكن لا نريد التركيز عليها والتفكير فيها وتخصيص الدعاء لها؛ لأن هذا يدل على تعلقك بها في وقت هي تدبر عنك وتبتعد، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات