السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من آلام وأوجاع في معدتي، والقولون منذ فترة، مع شعور بتسارع في ضربات القلب، وصداع، مع تعب عام، وعند بحثي في تلك الأعراض على الإنترنت، وجدت بأنها أعراض القولون العصبي، ثم ذهبت للطبيب، فنصحني بأن أعمل فحوصات مخبرية للفيتامينات؛ لأن وجهي شاحب.
كما أنني أتناول مانع حمل منذ عامين تقريبا، ويسبب لي صداعا قويا، وعصبية شديدة، وبدأت من جديد تراودني أفكار انتحارية -والعياذ بالله-، أو أن أؤذي من حولي، مع أنني -ولله الحمد- ملتزمة دينيا بالصلاة، والقرآن، والأذكار، كما تراودني أفكار بأن هناك من قام بعمل سحر لي، أو حسدني، وأنه سيحدث لي شيء.
رقيت نفسي، وأحسست براحة -والحمد لله-، ولكن لا أعلم لماذا تراودني هذه الأفكار؟ وما هو السبب؟ وهل لحبوب منع الحمل دور بذلك؟ وكذلك نقص الفيتامينات.
أرجو الرد، فقد تعبت كثيرا، ولم أعد أحتمل، ولم أعد أهتم بأولادي، وزوجي، والموضوع أثر كثيرا على حياتي.
علما بأن هرمون الحليب لدي مرتفع أيضا، مع توتر وقلق بشكل مفرط، ويزداد الأمر سوءا عند اقتراب الدورة الشهرية، فهل سبب ذلك ارتفاع الهرمونات؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشاراتي إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.
من خلال ما ورد في استشارتك أستطيع أن أقول لك: إن الأعراض التي تحدثت عنها -أعراض القولون العصبي والصداع- هي أعراض نفس جسدية، بمعنى أن القلق هو المسبب الأساسي لها؛ لأن القلق مكونه الرئيس هو التوتر النفسي، والتوتر النفسي كثيرا ما يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات جسد الإنسان تأثرا هي عضلات فروة الرأس، وكذلك عضلات القولون، وعضلات الصدر، والذي يحدث أن هنالك نوعا من التوتر في هذه العضلات، مما يؤدي إلى ما يسمى بالقولون العصبي، أو الصداع العصبي، والبعض يحس بوخزات في الصدر، أو شعور بالكتمة، وعدم القدرة على التنفس بسلاسة، وهذه كلها تسمى بـ (أعراض نفس جسدية).
فإذا القلق هو الشيء الأساسي لديك، وأنت ذكرت أنك تعانين من عصبية شديدة، وهذا طبعا دليل على وجود القلق، والقلق دائما يجعلك في تسابق مع نفسك، مع عدم الشعور بالارتياح، وربما تخلل ذلك نوبات قلق، مع أفكار وسواسية -كما يحدث لك-.
الذي أزعجني هو قولك: إنه في بعض الأحيان تأتي أفكار حول الانتحار، أو إيقاع الأذى بالآخرين، وهذه أفكار يجب أن تتجاهليها وتحقريها، وأن تكثري من الاستغفار؛ فأنت لن تقدمي على إيذاء الآخرين، ولن تؤذي نفسك؛ لأن الأفكار هذه ذات طابع سواسي، وأصحاب الوساوس دائما لا يتبعون أفكارهم، ولكن يجب أن تحقريها وتتجاهليها، وأن تتذكري الأشياء الجميلة الطيبة في حياتك، فأنت لديك أشياء طيبة، وجميلة كثيرة، فأرجو أن تجعليها بديلا لهذه الأفكار الشريرة.
أيضا من المهم جدا أن تمارسي الرياضة، كرياضة المشي، فهي مناسبة جدا بالنسبة للمرأة، وذات فائدة علاجية كبيرة جدا في مثل حالتك، أو أي نوع من الرياضة.
أيضا التدرب على تمارين الاسترخاء، وتمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات، وقبضها، واسترخائها؛ فهي مهمة جدا بالنسبة لك، ويا حبذا لو ذهبت إلى الطبيب النفسي ليتم تدريبك على هذه التمارين، وفي ذات الوقت طبعا أنت محتاجة لعلاج دوائي، وأفضل دواء في حالتك هو: عقار (سيرترالين، Sertraline)، وهو من الأدوية الممتازة جدا لعلاج القلق، والوسوسة، والمخاوف، ويحسن المزاج أيضا؛ لأنه قطعا لديك شيء من عسر المزاج.
السيرترالين هو الدواء المناسب لك، والجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجراما، من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما-، تناوليها يوميا لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعليها حبة كاملة يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلي الجرعة حبتين يوميا -أي مائة مليجرام- وهذه هي الجرعة التي تناسبك، فاستمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليغراما- يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما، يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول السيرتيرالين.
هو دواء رائع، ليس له آثار سلبية حقيقية، وهو ليس إدمانيا، وليس تعوديا، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام.
هنالك دواء داعم أراه ضروريا في حالتك، وهذا الدواء يسمى (إريبيبرازول)، تناوليه بجرعة خمسة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك توقفي عن تناوله.
إذا -أيتها الفاضلة الكريمة- وجهنا لك الإرشاد اللازم، ووصفنا لك الدواء المطلوب، والذي أسأل الله تعالى أن ينفعك به.
أما في موضوع السحر وخلافه: فنحن نؤمن بالسحر، ونؤمن بتأثيره -بإذن الله-، لكن هذه الحالات -في رأيي- حالات طبية نفسية، فحصني نفسك، ولا مانع من عمل الرقية الشرعية، فهي تفيد بإذن الله في كل الأحوال.
أنت -والحمد لله- امرأة حريصة على صلواتك، وعلى قراءة القرآن والأذكار، فأنت في حفظ الله، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، {ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض}، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
هذا هو الذي أنصحك به، وطبعا بالنسبة للفحوصات الطبية فيجب أن تكتمل بالفعل، وهرمون الحليب ارتفاعه يجب أن يعرف سببه، ويتم علاجه.
وبالنسبة لموضوع الدورة الشهرية: طبعا انتظامها يساعد على تحسين الصحة النفسية عند المرأة، ولكن القلق نفسه هو واحد من أسباب التوتر الذي يحدث قبل الدورة، فمن خلال تمارين الاسترخاء، وتناول الأدوية التي ذكرناها لك -إن شاء الله تعالى- فإن هذه الظاهرة سوف تنتهي تماما.
لا أعتقد أن حبوب منع الحمل لها دور في هذا الأمر، وإن كان قد ذكر الكثير في هذا السياق، ولكن الشيء الذي نستطيع أن نقوله -وهو الأرجح- أنه لا تأثير لحبوب منع الحمل فيما يتعلق بالصحة النفسية عند النساء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، بالله التوفيق والسداد.