السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد استشارتكم بموضوع أتعبني كثيرا، أنا فتاة تركت دراستي الجامعية ولم أتمكن من إكمالها، علما أني من المتفوقات في المراحل الدراسية السابقة -قبل الجامعة-، وسبب انقطاعي يعود لعدة أسباب، منها: الوضع المادي لعائلتي، ورضيت -الحمد لله- بما قدره الله لي، وأعلم بأنه خير لي، ولكني أشعر بالحزن أحيانا؛ لأني لا أدرس، وبقية إخوتي يدرسون ووالداي ينفقان عليهم.
حاليا أجلس في البيت، وأقوم بأعمال الطبخ والتنظيف، ولكني أشعر بالحزن والغضب من ذلك، وحينما تحدثت مع أهلي وأخبرتهم برغبتي في إكمال الدراسة، وأني لا أريد أن أشعر بأني خادمة في البيت فقط، وبكيت لذلك، حزنت والدتي لحالي.
أشعر أحيانا أن هذه المشاعر هي وساوس الشيطان؛ كي يحزنني ويدخلني في دائرة العقوق -والعياذ بالله-، وأنا أشعر بالحزن عندما أتأثر من هذه الوساوس وأتبعها، ولكني -الحمد لله- سرعان ما أتوب وأستغفر ربي.
سؤالي هو: هل ما أفعله يعتبر من التسخط؟ وهل يتنافى مع الصبر وينقص ثوابه؟ وهل حين أعبر عما أشعر به يعتبر عقوقا؟ وكيف أتعامل مع هذه الوساوس؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يملأ داركم بالخير والمال، وأن يعينك على إكمال دراستك، وأن يرزقك بر والديك، ونشكر لك الروح التي دفعتك لكتابة هذه الرسالة، فأنت حريصة على البر.
وأرجو أن تكملي هذا البر بالرضا بما يقدره الله -كما أشرت-، وأعتقد أن الفرص أمامك كبيرة، واكتساب المهارات الحياتية من الأمور المهمة، وكذلك أيضا إذا توقفت عن التعليم النظامي فلا تتوقفي عن تعلم كتاب الله تبارك وتعالى، وتعلم الأشياء النافعة المفيدة، بل مر علينا من الطلاب والطالبات من يتوقف عاما أو عامين ليحفظ كتاب الله مثلا، ثم يستأنف دراسته، وأعتقد أن هذا ممكن بالنسبة لك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل الأمور.
وكثير من الأسر التي تواجه ظروفا اقتصادية فإنها تعطل بعض الأبناء وتقدم آخرين، فإذا تخرجوا كانوا عونا لإخوانهم على إكمال مسيرتهم الدراسية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.
وإذا كنت -ولله الحمد- متفوقة في المراحل الأولى، فإن أبواب الخير أمامك مفتوحة، وأبواب التعليم أمامك مفتوحة، والعلم ليس له عمر محدد، فالنابغة برز بعد 40 سنة، والعز بن عبد السلام بدأ التعليم بعد 21، وقيل بعد 31 سنة، فلم تمض الأيام حتى أصبح سلطان العلماء وإمامهم، فنسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.
وإذا ذكرك الشيطان بما فاتك ليحزنك، فتعوذي بالله من الشيطان، واعلمي أنك في بر وخير، وأن تطبخ الفتاة من أجل الوالد والوالدة والإخوان؛ فهذا من توفيق الله تبارك وتعالى، بل هو عمل خير، ينبغي أن تحتسبي أجره وثوابه عند الله تبارك وتعالى.
وعليه: لا نريد أن تكرري التسخط وعدم الرضا، أو إعادة هذا الموضوع، ولكن من المهم أن تستثمري هذه المرحلة العمرية -وهي من الأهمية بمكان- في التلاوة، وحفظ كتاب الله، وفي العبادة، وفي الإنابة لله تبارك وتعالى، وفي تطوير مهاراتك الحياتية: (الطبخ، ترتيب البيت)، هذه الأمور التي تحتاجها المرأة، وهي من الأمور المهمة.
وإذا طورت المرأة مهاراتها الحياتية؛ فإن هذا سيعينها مستقبلا في التفوق في حياتها الدراسية، وأعتقد من عنده الرغبة في العلم لن يقف أمامه شيء، وسيأتي اليوم الذي تكملين فيه دراستك، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، ولا تتابعي هذه الوساوس، ولست في عقوق، بل أنت على خير، واجتهدي دائما في رضا الوالدين، وتجنبي ما يعكر صفوهما، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونبشرك بأن الوالد والوالدة دائما قلوبهما طيبة، ورضاهما سهل، فاحرصي دائما على حسن الاعتذار، وحسن التعامل، وتقديم الخدمات، واعلمي أن هذا من أسباب التوفيق لكل خير.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.