تخصصي برمجة وأشعر بضعف الفهم وتأخر عن زملائي!

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك الذي يقدم دعما كبيرا للمسلمين في شتى المجالات.

أنا طالب في السنة الثانية في الجامعة، أدرس هندسة البرمجيات، وعندي مشكلة مؤثرة على دراستي وتقدمي، ولا أعرف إذا كانت مشكلة نفسية، أم بسبب عين أو حسد.

كنت في المدرسة متفوقا من الابتدائية للمتوسطة -الحمد لله-، ودائما من الأوائل، وما كنت أحتاج لبذل جهد كبير، لكن من يوم أن دخلت الجامعة، خصوصا مع البرمجة، صرت أحس بصعوبة كبيرة في الفهم.

في أول سنة لي في الجامعة ما كان عندي لابتوب، واضطررت لاستخدام لابتوب الجامعة، لكن لأن الجامعة بعيدة، وما كنت أقدر أستخدمه كثيرا، رسبت في أول مادة برمجة، ثم أخذتها مرة ثانية، ونجحت الحمد لله، وفي السنة الثانية وفقني الله واشتريت لابتوب، وبدأت أتعلم البرمجة، وكأني أبدأ من الصفر.

المشكلة أني أحس أني متأخر جدا عن زملائي، هم -ما شاء الله- متمكنون من لغات برمجية كثيرة، وأنا لا زلت أعاني في الأساسيات، هذا الشيء جعلني أشعر بقلق وخوف، خصوصا أني أحس أن الوقت يمر بسرعة، وأنا لا أتحسن كثيرا، حاولت أواجه المشكلة، وصرت أضع خطة أسبوعية أنظم فيها وقتي، وأخصص وقتا لمراجعة البرمجة وممارستها. لكن كلما يحين وقت البرمجة، أحس بضبابية في مخي ونفور شديد، كأن عقلي يرفض أن يركز أو يستوعب أي معلومة جديدة، وباقي المواد أذاكرها بشكل عادي.

غير ذلك، صرت في الفترة الأخيرة أنام وأنا خائف ومتوتر، وأفكر أني لن أنجح، أو لن أتعلم شيئا جديدا، هذا الشعور يسبب لي كوابيس، وأقوم الصباح وأنا متعب، مع أني الحمد لله محافظ على أذكار الصباح والمساء، وبدأت منذ أسبوع أصلي الوتر، والسنن الرواتب، وأدعو الله أن يساعدني ويوفقني، لكن مع هذا، لا أدري لماذا الخوف مستمر! وأحس أني غير قادر على الراحة في دراستي ونومي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ف.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرا على ثقتك، وطرح مشكلتك بوضوح، ونسأل الله أن ييسر أمورك، ويجعلك من المتفوقين في الدنيا والآخرة.

مشكلتك تجمع بين تحديات أكاديمية، وضغط نفسي قد يكون له عدة أسباب، سنساعدك على تحليل الوضع من الجوانب المختلفة، وتقديم نصائح عملية للتعامل معه.

أولا: الجانب الأكاديمي: من الطبيعي أن تشعر بتأخر إذا فاتتك أساسيات البرمجة في البداية، ولكن تذكر أن كل مهارة تحتاج إلى وقت وجهد.

الخطوة الأولى: ركز على لغة برمجية واحدة فقط تكون أساسا جيد -التي تدرسها في الجامعة- ولا تنشغل بغيرها، وإذا كانت هي Python فحاليا هي المتصدرة في الناحية البرمجية خاصة مع نماذج الذكاء الاصطناعي، وهي برمجة تجمع بين السهولة وبين الناحية العملية.

الخطوة الثانية: قسم تعلم البرمجة إلى أجزاء صغيرة، حدد أهدافا يومية صغيرة (مثل فهم فكرة المتغيرات، أو كتابة دالة بسيطة)، واحتفل بإنجازها.

الخطوة الثالثة: استخدم مصادر تعليمية سهلة الفهم، مثل: منصات التعلم المجانية (مثل: Codecademy وfreeCodeCamp)، أو مقاطع YouTube المخصصة للمبتدئين، كما يمكنك الإفادة من بعض قنوات اليوتيوب المتخصصة بالبرمجة مثل: قناة Python Arabic Community.

إذا كنت تواجه صعوبة في التطبيق العملي، حاول بناء مشاريع صغيرة جدا (مثل: آلة حاسبة بسيطة)، أو لعبة الثعبان، ونحوها.

كما يمكنك الانضمام إلى مجموعات، أو ورش عمل، فزملاؤك المتمكنون من البرمجة قد يكونون مصدرا مفيدا لك، اطلب المساعدة منهم، أو انضم إلى مجموعات طلابية تشجع التعلم المشترك.

ثانيا: الجانب النفسي: شعورك بالنفور والضبابية، هذه المشاعر قد تكون نتيجة القلق والخوف من الفشل، عندما تكون في حالة توتر، يصبح الدماغ أقل قدرة على معالجة المعلومات.

حاول ممارسة تقنيات استرخاء بسيطة قبل بدء المذاكرة، مثل: التنفس العميق، أو عبادة التفكر لمدة 5 دقائق.

- اجعل وقت النوم أولوية بالنسبة لك، لا تذاكر البرمجة مباشرة قبل النوم، وابتعد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل.

- اقرأ سورة الملك، أو آيات من القرآن بتدبر قبل النوم، وادع الله بطمأنينة.

- خصص وقتا أسبوعيا للتحدث مع شخص تثق به (صديق، أو مرشد أكاديمي)، أو حتى اكتب ما تشعر به في دفتر خاص.

هذا يساعد على تنظيم الأفكار والتخفيف من الضغط.

ثالثا: الجانب الإيماني:
- استمرارك على أذكار الصباح والمساء، والوتر والسنن يدل على توجهك الصحيح، اصبر واستمر، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

- استمر في دعاء الله أن ييسر لك الأمور، وأضف الدعاء النبوي: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا."

- اجعل نيتك في التعلم أن تخدم دينك وأمتك بما تتعلم، فهذا يعطيك دافعا قويا، قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).

خطة عملية مقترحة:
- قسم وقتك 25 دقيقة برمجة يوميا باستخدام تقنية "بومودورو" (Pomodoro) والتركيز التام خلالها.
- راحة قصيرة بعد كل جلسة.
- اجعل بقية وقتك للمواد الأخرى، أو أنشطة مريحة.
- حدد زميلا متمكنا من البرمجة، واطلب منه مراجعة بسيطة للمفاهيم التي لم تفهمها.
- اهتم بصحتك، نم 7-8 ساعات يوميا.
- تناول وجبات صحية.
- مارس نشاطا بدنيا بسيطا (مثل المشي) لتخفيف القلق.

أخيرا: تذكر أن النجاح ليس في الوصول إلى القمة بسرعة، بل في الاستمرار وعدم الاستسلام، كثير من المهارات العظيمة تتطلب وقتا وصبرا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز).

نسأل الله أن يوفقك، ويسهل أمرك، ويجعل لك من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا.

مواد ذات صلة

الاستشارات