السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاما، وأسعى في طلب الإجازة في القرآن الكريم، ولم يبق سوى القليل، أنا في مرحلة الثانوية العامة، قبيل الجامعة بسنة، -الحمد لله- أنعم الله علي بجميع المقومات التي تهيئني للزواج، والأمر أحب إلي؛ لما في فضل الزوجة في طاعة زوجها، ومن متعة أحلها الله بينهما.
لكن الزواج يعطل طلبي للعلم "بالنسبة لي ولا أعمم"، قد خطبت من قبل، وتعلقت بالخطيب حتى أن القلب قد انشغل به، ولا داعي للتوضيح. قدر الله أن الأهل لم يتفقوا، وأعلم يقينا أن ما حدث عقوبة من الله؛ لأني أشغلت قلبي بغيره.
فأنا محتارة بين طلب العلم والزواج، إن أشرتم علي بالعلم، أنا فتاة بي قوة وشجاعة لم يملكها أغلب الذكور في المجتمع الحالي، لكن نقطة ضعفي هي الرغبة في الزواج.
محتارة بين دراسة العلم الشرعي، وتخصص هندسي يميل إلى الصناعة، وكلا الأمرين أحب إلي، كلاهما نافعان، لكن الهندسة أنفع لأمتي.
لكن أخاف على نفسي، وعلى شباب أمتي، فأنا جميلة، وأخاف أن أفتن أو أفتن. فأشيروا علي ماذا أفعل؟ وإن أشرتم علي بالزواج، كيف لا أعلق قلبي بالخطيب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.
ثانيا: قد أحسنت -أيتها الكريمة- حين استشرت فيما هو أفضل لك من أمور الخير، أهو الاستمرار في طلب العلم والانقطاع عن الزواج، أم تقديم الزواج وإن تعطل شيء من تحصيلك للعلم؟
وجوابنا عن هذا -أيتها الكريمة- أن نقول لك: إن الخير كل الخير في أن تتزوجي، وأن تبادري بذلك متى تيسرت لك الأسباب؛ فإن الزواج خير عميم، ومنافعه كثيرة في دينك ودنياك، ومع هذه الفوائد الكثيرة والخير العميم فإنه لن يكون عائقا أمام التحصيل العلمي، فبإمكانك التحصيل للعلم الشرعي والاستزادة منه، مع قيامك بحق زوجك عليك وحق بيتك، ولا سيما ونحن في زمن تيسرت فيه أسباب طلب العلم؛ ولذا ننصحك بأن تبادري بالزواج متى تيسر لك، وأن تسألي الله تعالى أن يقدر لك الجمع بين الخيرات، ويسهل لك أسبابها.
وأما ما ذكرته من شأن تجربتك السابقة في الخطبة، وتعلق قلبك بذلك الخاطب؛ فإن هذا ليس ذنبا يؤاخذك الله تعالى عليه، فإن تعلق القلب أو حبك للخاطب ما دام كان بسبب مباح فإن الله تعالى لن يؤاخذك بذلك، فلا ينبغي أبدا أن تسمحي لهذه الأوهام أن تسيطر عليك، ويحاول الشيطان من خلالها أن يئسك ويقنطك من فضل الله تعالى وخيره الذي يسوقه وسيسوقه إليك.
وشيء جميل أن يتهم الإنسان نفسه بالذنب والتقصير؛ ليجدد التوبة دائما، وليكثر من الاستغفار، ولكن ليس صحيحا أن ييئس نفسه ويقنطها بأن الله تعالى يمنع عنه فضله بسبب شيء فعله، فينبغي أن تحسني الظن بالله تعالى، وأن تداومي على الاستغفار والتوبة، فإن كل بني آدم خطاء، والله تعالى أمرنا جميعا بالتوبة فقال: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
وأما ما ذكرته من شأن دراسة العلوم الدنيوية كالهندسة ونحوها؛ فما دام في الاشتغال بها مفسدة عليك وعلى دينك، فإننا لا ننصحك بذلك، فإن السلامة لا يعدلها شيء، ولا ينبغي للإنسان المسلم العاقل أن يعرض نفسه لمواقع الفتن، فإن النبي ﷺ أرشدنا في أحاديث كثيرة إلى الفرار من الفتن، وما دمت لست بحاجة، وقد كفاك الله تعالى مؤنة هذه الحياة؛ فإن هذا النوع من العلوم سيحقق المصلحة للأمة فيه من هو أهل له من الذكور، فاشتغلي بما ينفعك أنت، وتستطيعين تقديم النفع لأمتك من العلوم التي تليق بالمرأة وتتناسب مع وظائفها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وييسر لك أسبابه.