كيف يؤثر مرض ثنائي القطب على الأفكار والمشاعر؟

0 4

السؤال

السلام عليكم

أود أن أسأل عن الفترة المرضية التي مررت بها، وعن المرض الذي شخصني به الأطباء، وهو مرض ثنائي القطب، هل لهذا المرض أفكار انتحارية؟ لأنني كنت أفكر في الانتحار مرات.

أيضا هل لهذا المرض أفكار غير منطقية؟ مثل: شكي في أمي وأبي أنهما شخصان ليسا جيدين، أو شكي في نسبي، أو شكي في أن أمي تريد تسميمي، أو أن كل الناس تكرهني وتحتقرني، وكذلك الأفكار التي تتعلق بالعقيدة، مثل: شكي في مشروعية الصلاة، والذي كان يبلغ درجة الشعور باعتقاد داخلي، وأيضا أتساءل: متى يمكنني التوقف عن أخذ الأدوية؛ لأنني أتناولها منذ ما يقارب التسعة أشهر؟ وأود معرفة معلومات طبية أكثر تتعلق بهذا المرض.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

الأسئلة التي طرحتها هي أسئلة مهمة، وطبعا أفضل من يقوم بالإجابة عليها هو الطبيب المعالج لك، الطبيب الذي قام بلقائك وتشخيص الحالة ووضع الخطة العلاجية التي اشتملت على تناول الدواء؛ قطعا هو الأقدر على الإجابة على هذه الأسئلة كلها، لكن -إن شاء الله- نحاول بقدر المستطاع أن نتكلم محاولين إجابة أسئلتك، ولكن كلامنا سيكون في نطاق العموميات؛ لأن الحالات النفسية -مهما أخذت نفس المسميات- كل حالة لها اعتباراتها الخاصة، كل حالة لها مميزاتها، وحتى إن وجدت أعراض متطابقة بين الناس، هنالك اختلافات أيضا نلاحظها بين كثير من الذين يصابون بهذه الأمراض.

بالنسبة لسؤالك حول الانتحار، نعم الأفكار الانتحارية قد تأتي لبعض الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، خاصة إذا كان القطب الاكتئابي مطبقا وشديدا، لكن نحن كمسلمين -الحمد لله- مثل هذه الأفكار يتغلب عليها الإنسان إذا أكثر من الاستغفار، وكان حريصا على صلاته وبقية العبادات.

بالنسبة للأفكار غير المنطقية، من الواضح أنها أفكار شكوكية وظنانية، وهي تندرج تحت ما يعرف بالأفكار الاضطهادية، أو البارونية، وفي ذات الوقت لديك أيضا بعض الشكوك الوسواسية، وهذه قل ما نشاهدها مع الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، قد تحدث، لكن ليست هذه من السمات الشائعة لهذه الأمراض.

فإذا الإجابة القصيرة هي: نعم، هذه الأعراض قد تكون موجودة، لكن هذا ليس من المعايير التي يندرج تحتها تشخيص الاضطراب الوجداني ثنائي القطب.

بالنسبة للعلاج الدوائي: كما ذكرت لك كل إنسان له خصوصياته، وهنالك عوامل لا بد أن نراعيها حين نصف الدواء، ونحدد مدة العلاج، من أهم هذه الشروط هي ما نسميه بعوامل الحماية، بعض الناس تجد أن المرض أتاه في سن متأخرة، بعد سن الثلاثين، وقد أكمل تعليمه، ولديه المهارات الجيدة، ويعمل مثلا، ومتزوج، وليس له تاريخ مرضي في الأسرة، كما أنه إنسان ملتزم بدينه، ولا يدخن، ولا يتعاطى أي مؤثرات عقلية، ولديه شبكة اجتماعية جيدة، ولديه المساندة الأسرية.

هذه عوامل الحماية، وفي مثل هؤلاء نحتاج للجرعة الوقائية، وغالبا تكون صغيرة، ويحتاجها الإنسان من سنة إلى ثلاث سنوات.

أما إذا كانت عوامل المخاطرة هي الأكثر، بمعنى أن الإنسان لديه تاريخ مرضي في الأسرة، ظروفه الاجتماعية سلبية، أتاه المرض في سن مبكرة، لم يكمل تعليمه، لم يكتسب مهارات، يفتقد المساندة الأسرية والاجتماعية، يدخن، وربما يتعاطى بعد المؤثرات العقلية، في هذه الحالة طبعا إذا اجتمعت هذه الأسباب، أو كان هنالك جزء منها متوفرا لدى الشخص؛ لا شك أنه يحتاج لأن يكون تحت الرقابة والمتابعة الطبية النفسية لمدة أطول، أنا أفضل ألا تقل المدة عن ثلاث إلى خمس سنوات.

وكما ذكرت لك، كل إنسان لديه ظروفه، وهذه لا بد أن يراعيها الطبيب المعالج، كما أن درجة التزام الإنسان بالدواء أيضا قضية مهمة جدا، فبعض الناس نجدهم ملتزمين جدا بعلاجاتهم، وهذا قطعا يقصر مدة العلاج الوقائي، أما الذين لا يلتزمون بالعلاج ويتوقفون عنه دون أي نصيحة طبية، ثم يبدؤون في تناوله، وهكذا، وبعدها تحصل لهم هفوات أو انتكاسات، هؤلاء طبعا يحتاجون للدواء لفترة طويلة، كما أنه غالبا مآلات المرض تكون سلبية لديهم.

أرجو أن تراجعي مع طبيبك، وأن يكون هنالك التزام من جانبك فيما يتعلق بالعلاج، وأن تعيشي حياة إيجابية، أن تنظمي وقتك، أن تكوني شخصا فعالا، وإن شاء الله تعالى تعيشين حياة طبيعية وطيبة.

بارك الله فيكم، وجزاك الله خيرا، نشكرك على الثقة باستشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات