السؤال
السلام عليكم
أرجو الرد، لأني تائهة منذ ماتت أمي، كما أني لدي الوسواس من المرض، ومن الموت، وكل يوم تظهر علي أعراض الموت، وتتهيأ لي أنها حقيقية، وأشعر بها، ولكن عند الذهاب إلى الطبيب يتبين أني بخير، فتذهب عني الأعراض دون شرب أي دواء، ومن ثم تبدأ أعراض جديدة.
مرة أشكو من الكلى وأرى ألما فيها، وعند الفحص تظهر النتيجة طبيعية، ويزول الألم، وفي الغد يظهر، وعندي وسواس سرطان الحنجرة، فأشعر بألم، وهكذا مع الأحلام في كل ليلة أنام وأقرر أن يذهب الوسواس، وأرى رؤيا منامية وتفسيرها يعني الموت عندما أفسرها، وفي كل مرة يتغير الحلم، لكن التفسير واحد.
أنا الآن في دوامة، فلماذا لا أتخلص من هذه الأحلام التي تزيد من حالتي؟!
أرجو الرد والنصيحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب.
أيتها الأخت الفاضلة: إن شاء الله حالتك بسيطة، وأتفق معك هي مزعجة، لكنها ليست خطيرة، والذي لديك نسميه قلق المخاوف الوسواسية، والخوف من المرض والخوف من الموت منتشر جدا بين الناس، وذلك لأن الحياة تشابكت وتعقدت، وأن موت الفجأة قد كثر، والحروب والقتل والتقتيل في كل مكان، هذه أيضا ربما تكون ساهمت في خوف الناس من الموت.
أيتها الأخت الفاضلة: نحن نقول للناس دائما يجب أن نفرق بين الخوف الشرعي والخوف المرضي من الموت، الخوف الشرعي مطلوب، والخوف الشرعي يقوم على مبدأ أن الإنسان يجب أن تكون قناعاته قوية جدا بالموت، (إنك ميت وإنهم ميتون)، وأنه حقيقة أزلية، ولا بد أن يسعى الإنسان ليكون إيجابيا في حياته، وأن يعمل لآخرته، وأن يكون مستعدا للقاء ربه.
هذا لا يعني أبدا أن يكون الإنسان زاهدا في الحياة أو منعزلا، لا، على العكس تماما، يكون الإنسان فاعلا، ويكون الإنسان فرحا وفعالا في حياته، ولا يقترف الذنوب، ويهتم بالطاعات، في هذه الحالة يكون قد أوفى تماما بمتطلبات التخلص حتى من الخوف الشرعي من الموت.
الخوف المرضي طبعا يتطلب أيضا أن يكون الإنسان قويا في إيمانه، وأن يتوكل على الله، وأن يقتنع بأن الأعمار بيد الله، وأن تكون هنالك رقابة طبية صحيحة، وأن يعيش الإنسان حياة إيجابية من حيث صحته النفسية والجسدية، يعني من الأشياء المفيدة جدا لك أن يكون لك مراجعة دورية ثابتة مع طبيبة الأسرة -أو الطبيبة الباطنية- مثلا مرة كل ثلاثة أشهر، اذهبي وأجري الفحوصات الروتينية اللازمة؛ وهذا سيبعث فيك طمأنينة كبيرة.
إذا: الفحص الدوري ممتاز، وسيوقفك ذلك تماما عن موضوع التردد على الأطباء، الأمر الثاني هو: أن تعيشي حياة صحية، وذلك من خلال:
- أن تمارسي أي رياضة تناسب المرأة المسلمة.
- أن تتجنبي السهر.
- أن تهتمي بتغذيتك.
- أن تجعلي لحياتك معنى.
- أن يكون لك أهداف، وأن تصلي لأهدافك من خلال وضع الآليات الصحيحة.
- الدخول في برامج حفظ القرآن الكريم كله أو أجزاء منه، وجدنا ذلك مفيدا جدا لتقوية النفس وإزالة الخوف، فإذا: هذا أيضا يمكن أن يكون من البرامج التي تضعينها في الاعتبار.
الأمر الآخر: نحن هنا لا نفسر الأحلام، وندعو الناس ألا يفسروا الأحلام، الإنسان حين يأتيه حلم يستعيذ بالله تعالى من شر الأحلام، ويسأل الله تعالى أن يصرف عنه شرها، وأن يتفل ثلاثا على يساره، كما نصحنا ووجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تتكلمي عن هذه الأحلام.
أنصحك أيضا أن تمارسي الرياضة -كما ذكرت لك- وكذلك تمارين الاسترخاء، ستجدين برامج على اليوتيوب تساعدك كثيرا في تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين زائد ممارسة الرياضة سوف تقلل هذه الأحلام كثيرا، وفي ذات الوقت ثبتي وقت النوم، وتجنبي السهر، ولا تتناولي أطعمة دسمة ليلا أبدا، اجعلي وجبة العشاء خفيفة ومبكرة، هذا أيضا يقلل كثيرا من الأحلام.
أضف إلى ذلك: سأصف لك واحدا من الأدوية الرائعة، الأدوية الفاعلة التي تعالج قلق المخاوف الوسواسي، وتقلل هذه الأحلام تماما، الدواء يعرف باسم (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرلكس)، وربما يكون موجودا في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر.
الاسيتالوبرام يتميز بفعاليته الممتازة، وأنه غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، كما أن سعره معقول جدا، فقط من آثاره الجانبية أنه ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، وربما يحس الإنسان برغبة زائدة في تناول الحلويات، خاصة في الشهور الأولى لتناول العلاج، فإن حدث شيء من هذا، وكان لديك تخوف من زيادة الوزن؛ فأرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة التي تمنع زيادة الوزن.
جرعة الاسيتالوبرام هي: أولا أن تتحصلي على الحبة التي تحتوي على عشرة ملجم، وتبدئي بتناول نصفها -أي خمسة مليجرام- يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها عشرة ملجم يوميا - أي حبة كاملة- لمدة شهر، ثم اجعليها عشرين ملجم يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة ملجم يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة ملجم يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة ملجم يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، دواء رائع، وسيساعدك كثيرا.
أرجو أن تأخذي -أيتها الكريمة- بكل محتويات هذه الاستشارة وتطبقيها، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، ونشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب.