السؤال
السلام عليكم.
أنا أصلي، وأتقرب لربي، وأعرف ديني، وأحبه، ولكن عند ذكر الجنة أشعر بأنني لا أريد دخولها، وأشعر بأنني أود أن أكون ترابا أفضل من أن أعيش حياة أبدية؛ فأنا أخاف من فكرة الحياة الأبدية، أو أن أكون مع زوج في الجنة، ولا أدري هل ما أفكر به خطأ أو حرام؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sh حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى لنا ولك الخير كله، وأن يصرف عنا وعنك الشر كله.
نحن نرى -أيتها البنت العزيزة- عدم التفكير بهذه الأفكار التي ترد عليك، وأن تحرصي على ما فيه نفع لك، من حيث: الأخذ بالأسباب التي تقوي إيمانك، وتعزز رغبتك في فعل الطاعات؛ فإن محل الابتلاء والامتحان لنا في هذه الحياة هو القيام بالتكاليف التي كلفنا الله بها، وكلفنا بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأداء الفرائض المأمور بها، واجتناب المحرمات المنهي عنها، ثم بعد ذلك نكل الثواب إلى الله تعالى.
ومن الأسباب الباعثة على أداء هذه الفرائض: أن يعلم الإنسان المؤمن بأن ثواب الله تعالى إذا فعل الطاعة، وأن يوقن بأن المخالفة والمعصية وراءها عقاب، وهذا اليقين في الثواب والعقاب هو الدافع للإنسان نحو العمل، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- دائما يقول في الأحاديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فليفعل كذا" وقد وردت هذه الصيغة في أحاديث كثيرة، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" وهكذا في أحاديث كثيرة.
والتكاليف القرآنية غالبا يبدؤها الله تعالى بقوله: "يا أيها الذين آمنوا"؛ فالإيمان بالثواب والعقاب، والتصديق الجازم بأن وراء هذه الحياة حياة أخرى ينال فيها الناس جزاء أعمالهم، وهذا اليقين، وهذا الإيمان هو المحرك الأساسي للعمل، وهذا الإيمان يقوى بجملة أدلة وبراهين جعلها الله تعالى لتكون سببا لليقين، والقرآن مليء بهذه الأدلة العقلية والنقلية، فإذا قوي إيمان الإنسان بالحياة الأخروية، فإنه سيتحرك بعد ذلك لينقذ نفسه من النار.
ومن البديهي أن الإنسان يحب الراحة والنعيم، ويكره العذاب، فلا ينبغي أن تشغلي نفسك بهذه الجوانب، وأن تعالجي نفسك لتشعري بلهفة؛ فإن هذا الشوق للدار الآخرة سيحدث في قلبك شيئا فشيئا، ويتقوى يوما بعد يوم؛ بحسب اشتغالك بأداء ما طلبه الله تعالى منك.
فنصيحتنا لك: أن تتوجهي نحو الشيء النافع لك، وحينما تتعبين في عمل الصالحات، وتكونين موقنة بأن وراء هذه الصالحات ثواب ينتظرك عليها، فهنا سيبدأ الشوق إلى ملاقاة هذا الثواب، والوصول إلى هذا الجزاء، وهنا سيبدأ الشوق بالازدياد شيئا فشيئا، المهم أننا نطمئنك إلى أن إيمانك وإسلامك بخير -والحمد لله-، فاحرصي على فعل ما طلبه الله تعالى منك، وانصرفي عن هذه الأفكار، ولا تبالي بها، ولا تشتغلي بها، ولا تسترسلي معها.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.