السؤال
السلام عليكم.
أعاني من شعور رهيب بالنقص، وأنه لا يحبني أحد كما أريد، حتى زوجي يحبني ولكن ليس كما كنت أتمنى، أو أطمح له، وحاليا هناك بنت من أهلي يحبها شخص كثيرا، وأشعر بأني أريد أن يحبني أحد مثلما يحبها هذا الشخص، وخائفة من هذا الشعور! فأنا أحبها وأتمنى لها الخير ولكني لطالما تمنيت أن يحبني شخص هكذا، فهل من الممكن أن يكون شعوري هذا خطيرا وقد يؤدي إلى نتائج وخيمة؟
صرت أعمل أي شيء لانتقادها، فهي دائما كانت تنتقد الحب، وقد مررت بتجربة حب سابقة قبل زواجي، وكانت دائما تنتقد علاقتي مع الشاب، فلماذا هي تحصل على شخص يحبها وهي لا تؤيد الحب، وأنا من أتمنى أن يحبني شخص هكذا، أضطر لمفارقة حبيبي لأن أهلي لم يوافقوا على زواجي منه، لماذا تحصل على شيء لطالما أردت الحصول عليه أنا ولكنني أحبها، وهذا ما يشعرني بالذنب، أشعر بأني أحسدها أو لا أعلم ما أشعر به.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ نورة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يصلح لك ولها الأحوال، وأن يرزقنا الصالح من الأعمال، ورضا الكبير المتعال.
فإن حب زوجك لك هو الحب الحقيقي، وهو الذي يرضى عنه ربنا؛ لأنه مشروع ومقبول بل ومندوب إليه، وهو حب يخلو من المجاملات وظاهره كباطنه، وشكرا لك على الاعتراف بأنه يحبك رغم طلبك للمزيد، بخلاف ما يسمى بالحب بين الشباب والفتيات، والذي يقوم على الكذب والمجاملات وإظهار الحسنات مع تعمد إخفاء السلبيات، والظهور بمظهر أصحاب الكمالات، وهو ما يغضب رب الأرض والسموات.
ولا داعي للحزن على من كان يزعم أنه يحبك من دون علم الأهل، واحمدي الله الذي صرف عنك أهل المعصية، فإن التوسع في العلاقات العاطفية قبل الزواج من أسباب فشل الحياة الزوجية، وهذه نتيجة توصل إليها الكافرون وأهل الملة، وذلك لأن للكذب حدود، وبعد اللقاء تظهر العيوب ويزرع الشيطان شجرة الشكوك، ومن هنا تتجلى عظمة الشريعة التي تجعل الحب مسئولية ورعاية، وليس مجرد كلمات ونظرات وعواطف كاذبات.
ولا شك أن زوجك يحبك، ولكن الرجل يعبر عن حبه بإنتاجه وعمله، وبما يحمله لأسرته من طعام وشراب ورفاهية، وربما ظهرت تلك المشاعر عندما يرفض الرجل بعد زوجته عنه، وعندما يتألم لمرضها ويهتم بعافيتها، ولكننا نطالب الرجال بإظهار المشاعر الحقيقية، فإن مجرد الحب لا يكفي، حتى يقوم الرجل بإظهاره، ويسمع زوجته الكلمات العذبة اللطيفة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخم اسم عائشة فيقول: (يا عائش) بل كان يداعبها ويسابقها، وربما قال لها إني لأعلم إن كنت عني غضبى أو راضية، فتقول رضي الله عنها وكيف ذلك يا رسول الله فيقول عليه الصلاة والسلام: أما أن كنت راضية فإنك تقولين لا ورب محمد وأن كنت غضبي فإنك تقولين ولا رب إبراهيم فقالت أجل يا رسول الله (والله ما أهجر إلا أسمك)، وهذا إعلان لمشاعرها لرسولنا صلى الله عليه وسلم.
ولا يخفى على العقلاء أن الإنسان يسعد إذا شعر أنه محبوب ويستقر ويبدع وينجح، وإذا كان السفهاء يظهرون مشاعرهم الكاذبة، فما أحوج أهل الحق إلى إظهار مشاعرهم الصادقة.
وأرجو أن لا تحسدي زميلتك على ما هي فيه، فإنه لا حسد على مكروه، واجتهدي في نصحها حتى يكون شرعيا، فإما أن يرتبط بها رباطا شرعيا تحت سمع الدنيا وبصرها، وإلا فعليها أن تبتعد عنه فإنه يخدعها بكلمات معسولة (والغواني يغرهن الثناء)، فإن استمرار العواطف بلا ضوابط خصم على سعادتها الأسرية مع هذا الرجل أو مع غيره، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
والمسلمة تحب في الرجل خلقه وأمانته ودينه، والغافلة تحب في الرجل شكله وماله وهندامه، وسرعان ما تكتشف الحقائق المرة، وسوف تفقد حتى الكلمات الحلوة، فإن شباب اليوم فيهم من يجيد الخديعة، ويرمي بالطعم فإذا اصطاد الفريسة عرضها للنيران، فاتقي الله في نفسك وفي صديقتك وذكريها بالله.
وأكثري من الدعاء لها، واسألي الله لها ولنفسك الخير، وشكرا على مشاعرك الطيبة وهنيئا لك بنفسك اللوامة.
وبالله التوفيق والسداد.