السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيئة العمل والمرض.
أنا أعمل طبيبة، وأصبت هذه السنة بورم في المراحل الأولى، وخضعت للعلاج الكيميائي والجراحة والإشعاع، وتوقفت عن العمل لمدة سنة، وكذلك الدراسات العليا، لو استمر وضعي في التحسن فمن المفترض أن أعود إلى عملي، ولكني حائرة؛ لأن نوع الورم من النوع السلبي لمستقبلات الهرمون، ويعتبر شرسا، واحتمالية عودته كبيرة، هذا من ناحية، وفي نفس الوقت كثير من الحالات أكملت علاجها، وتعيش حياة طبيعية جدا.
أنا خائفة من فكرة الرجوع لبيئة العمل، لأنها مكان مليء بالمشاحنات والتنافس غير الشريف في أغلب الأوقات، وهناك الكثير من الأمور ضد مبادئي، وكانت تدخلني في حالة توتر كبيرة، في السابق كنت أتحمل وأقاوم رغم الظروف، ولكني بعد المرض أخاف على نفسي وصحتي، فأنا أم لثلاثة أطفال صغار جدا، وتربيتهم تتعبني نفسيا وجسديا.
أحيانا أقول: هل سأتوقف هنا من ناحية العمل والدراسة؟ وأنا التي كرست حياتها كلها للعلم منذ الصغر؛ حتى أكون طبيبة ناجحة، فأنا أمام تحديات العودة إلى العمل، وإكمال الدراسات العليا، والمتابعة الدقيقة لمرضي، والعناية بالأطفال، وإذا لم أكمل دراستي سأشعر بأني فاشلة!
عموما: أنا أشعر بضغط كبير، ولا أعرف ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء من هذا المرض، والحمد لله تعالى الآن الإمكانيات العلمية الطبية ممتازة جدا لعلاج هذه الأمراض، وأنت -والحمد لله تعالى- أكملت مراحل العلاج الثلاث، وعليك بالمتابعة، وأسأل الله تعالى أن يحفظك -أيتها الفاضلة الكريمة-.
دائما أنصح مرضى الأورام بأن لا يعطلوا حياتهم أبدا، ليكونوا أكثر فائدة لأنفسهم ولغيرهم، وهذا أحد المبادئ الرئيسية في التأهيل من هذه الأمراض، الأورام أقصد بذلك.
ارجعي وواصلي عملك كطبيبة، وإذا كان بالإمكان أن تغيري بيئة العمل، أو تذهبي إلى مكان آخر، هذا أمر جيد، وإن لم يكن، فيجب أن تعودي نفسك على التواؤم والتكيف، لأن العمل أصلا هو شراكة بين الناس، خاصة إذا كنت تعملين في مستشفى حكومي مثلا، فيجب أن تتخلصي من المشاعر السلبية فيما يتعلق بالمشاحنات التي تحدث من الآخرين، هم شركاء وأنت شريكة في العمل، وأنت لست جزءا من مشاحناتهم أبدا، ركزي على عملك، كوني ملتزمة بالضوابط الوظيفية السليمة والصحيحة، والتي تعرفينها تماما أنت كطبيبة.
يجب ألا تأتيك المشاعر أن هذا العمل كأنه ملك لشخص ما، أو لهؤلاء المتشاحنين، أبدا، كلنا شركاء نعمل في المستشفيات، وكلنا شركاء: الطبيب، الممرض، الفراش، الفني في المختبر، كلنا حقيقة في بوتقة واحدة.
أنا من وجهة نظري أن ترجعي إلى عملك، وأن تواصلي دراساتك العليا، وهذا المرض يجب أن يكون حافزا ودافعا لك إلى الأفضل، -وإن شاء الله تعالى- ستنجحين تماما في تربية أولادك، وتقومين بواجباتك الزوجية.
فأنا حقيقة أتكلم كلاما واقعيا جدا -يا دكتورة-، فلا تهزمي نفسك أبدا، ولا تستسلمي، بل ارفعي سقف الدافعية لديك، وأنت -والحمد لله-، الله تعالى حباك بالعلم، وحباك بالذرية، وحتى إن أتاك هذا المرض فإنه -إن شاء الله- مقدور عليه تماما.
أرجو وأكرر: أن ترجعي للعمل، وأن تنخرطي في دراساتك العليا، قد تكوني محتاجة لتنظيم الوقت، حينها انظري في كيفية تنظيم وقتك بصورة صحيحة، هذا مهم جدا، من يستطيع إدارة وقته بصورة صحيحة، يمكنه أن يدير حياته، ولا بد أن تأخذي قسطا كافيا من الراحة، وأن تمارسي الرياضة، رياضة المشي، أو أي نوع من الرياضة الممكنة، أنا أعتقد أنها ستكون مهمة جدا.
إذا: تنظيم الوقت، الرياضة، والالتزام بالواجبات فيما يتعلق بالدراسة والعمل والمنزل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.