السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان لدي صديق قريب، كان يقول بعض الأشياء التي تبدو أنها من الشرك، بهدف المزاح، وبعض الأحيان يقول أشياء غريبة، فيها شيء من الشهوة لبعض النساء، ولم يقصد بها الشرك، حتى لم تكن نيته ولم يعرف عظم الذنب الذي قام به، والآن هو شخص تائب يصلي ويزكي، ولا يترك صلاته، وتاب توبة صادقة حتى من المعاصي والزنا.
اختلفنا بعد ذكر مسألته، إن كان يغفر الله ذنبه أم لا؟ فما قولكم -جزاكم الله خيرا-، والمرجو الاستدلال بأدلة دينية حتى يطمئن قلبه، فندمه يكاد أن يقتله في كل مرة يتذكرها، أو يرسل لي رسالة وهو حزين، يتذكر ما فعله، فيمسكه الخوف والحزن على ما فعله، أرجو منكم الرد والمساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شخص مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على نفع صديقك، وهذا من حسن إسلامك، وطيب أخلاقك، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، ونسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا، وعلى صديقك.
ونحن نهنئه أولا -بفضل الله تعالى عليه وتوفيقه له-، وهدايته له بالتوبة، فهذا من عظيم فضل الله تعالى عليه، والتوبة تعني الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه، فإذا تاب الإنسان من ذنبه فإن الله تعالى يتوب عليه، مهما كان ذلك الذنب حتى ولو كان كفرا، فقد دعا الله سبحانه وتعالى الكفار الذين كانوا يسبونه سبحانه وتعالى ويشتمونه، وينسبون إليه الولد، دعاهم سبحانه وتعالى إلى التوبة ليغفر لهم، فقال سبحانه وتعالى بعد أن قال: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}، قال: {أفلا يتوبون إلى لله ويستغفرونه والله غفور رحيم} وقال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، فكل الذنوب جميعها يغفرها الله تعالى بالتوبة مهما كان ذلك الذنب، وقد قال سبحانه وتعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا، والأحاديث أكثر.
وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم بأنه يبدل سيئات التائب حسنات، وأنه يحب التوابين، وأخبرنا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- بأن الله يفرح بتوبة العبد، وهذا الفرح ليكرم هذا العبد ويثيبه، كما أخبرنا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، بأن التوبة تمحو ما قبلها من الذنوب والمعاصي، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".
فنحن ننصح هذا الأخ الكريم بأن يقبل على الله تعالى برغبة وحب، وطمع لما عند الله تعالى من الخير والثواب، ويؤمل فضل الله تعالى ورحمته، ويشكر ربه ويكثر من شكره؛ لتوفيقه له بالتوبة قبل الممات، ومن شكر الله تعالى الاشتغال بطاعته، ولا ينبغي أن يلتفت إلى الماضي ويتذكر الذنوب إلا لتكون باعثا له على الإكثار من العمل الصالح، والاستزادة من الحسنات، وليشكر الله تعالى الذي وفقه للتوبة.
أما تذكر الذنوب لتكون سببا لليأس والقنوط من رحمة الله، أو الإحباط والعجز؛ فهذه حيل شيطانية، ومكر شيطاني، يحاول الشيطان من خلاله قطع الطريق على هذا الإنسان الصالح المؤمن، ويصده عن ذكر الله تعالى وعن الطاعات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها"، فالواجب الحذر من مكر الشيطان.
فالله تعالى لا يعجزه شيء، وهو غني عن طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، ولكنه يختبرنا، فإذا تبنا إليه واستغفرناه؛ قبلنا وتاب علينا، بل قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم".
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير، وأن يعيننا وإياكم عليه، ويثبتنا على دينه حتى نلقاه.