السؤال
أنا تلميذ في المرحلة الثانوية، أدرس شعبة العلوم التجريبية.
أعاني من مشكلة في المذاكرة والمتمثلة في فهم العلاقات والمفاهيم التي أتلقاها في المواد العلمية، حيث أنني لا أكتفي بالفهم الضروري الذي يمكنني من حل التمارين بشكل صحيح، بل أبدأ في نقاش بعض العلاقات والخاصيات، وأحاول أن أفهمها من جذورها.
أبدأ بطرح الكثير من الأسئلة على نفسي وعلى بعض الأساتذة وزملائي في الفصل، حيث أنني توصلت إلى حل بعضها، والبعض الآخر ما زلت أبحث عن جواب منطقي له، مع العلم أنني متفوق في المواد العلمية، خاصة العلوم الطبيعية والكيمياء، حيث يناديني زملائي بالعالم والفيلسوف.
وما أعانيه من التعمق في فهم الدروس هو بقائي لأكثر من اللازم في الدرس الواحد.
فهل ترون معي أنني أعاني من مشكلة ما؟ وهل أعاني من الوسواس؟ كما أخبرني أحد الأساتذة، وما هو الحل في نظركم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد،،،
فبالطبع أنا سعيد جدا بأنك كثير التعمق في الأمور العلمية حتى تبني الأمور على المنطق والقوة الفكرية الراسخة، ولكن في ذات الوقت حقيقة أشفق عليك بعض الشيء؛ لأن التعمق والتحليل الزائد والتفاصيل الدقيقة والمتأنية هي بالطبع نوع من الوساوس، وأنا حقيقة عرض علي الكثير من الحالات المشابهة، حديثا أتاني أحد التلاميذ مع والده وكان يصر على التدقق من الحروف، ينطق الحرف عدة مرات حتى يتأكد منه، علما بأن هذا الطالب طالب ممتاز ومميز جدا في المدرسة، ولكن هذه الوساوس أدت إلى نوع من البطء.
هذه وساوس قهرية وهي تحدث في هذه المرحلة من العمر مع مرحلة اليفاعة والتغيرات البيولوجية والنفسية والهرمونية.
حقيقة الذي أوده منك أن تجاهد نفسك في هذا الأمر، وأن تقول لنفسك: أنا لن أبحث عن التفاصيل بهذه الصورة المملة، وعليك أن تحدد وقتا معينا، تقول مثلا: هذا الدرس سوف أكمله في نصف ساعة، ويجب ألا تزيد عن هذا الوقت مهما كانت الظروف حتى ولو لم تكمله، ولا تشعر بالقلق والندم على ذلك؛ لأنه في المرة الثانية إن شاء الله سوف تكمله في نصف ساعة.
إذن ضع هذه الضوابط الشديدة على نفسك، هذا يساعدك إن شاء الله كثيرا، وفي نفس الوقت قل مع نفسك: هذه وساوس، هذا أمر سخيف، أنا لن أتبعه، أنا سوف أدرس ما هو مطلوب مني فقط، وإن شاء الله حين تتاح لي فرصة أخرى بعد التخرج أو حين أدخل الجامعة سوف أنظر للأمور بعمق أكثر، قل لنفسك هذا، وهذا إن شاء الله منهج جيد.
أيها الابن الفاضل! أنا أعرف تماما أن هذه الوساوس قد تكون مزعجة، وأعرف أن العلاج السلوكي الذي ذكرته لك علاج جيد وممتاز، ولكن إذا دعمناه أيضا بأحد الأدوية المضادة للوساوس ستكون النتائج إن شاء الله رائعة جدا، الدواء الذي أود منك أن تأخذه يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجراما، خذها بعد أن تتناول الطعام؛ لأن ذلك أفضل، واستمر عليها بصفة يومية لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة وتناولها يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عنها.
أنا حقيقة مستبشر جدا لأنني أعرف أن درجة بسيطة من الوساوس إذا توفرت لدى الإنسان سوف تجعله متدققا ومنضبطا، وكثير من العلماء لديهم بعض السمات الوساوسية، أنا أقول لك أيضا: أنك عالم إن شاء وأنك سوف تصبح عالما ونتمنى أن نراك فيلسوفا قويا ملتزما بدينه وبعلمه إن شاء الله.
أرجو أن تأخذ الأمور بسهولة أكثر وتناول الدواء، واتبع الإرشاد الذي ذكرته لك، وأسأل الله لك التوفيق.