كيف أحافظ على علاقتي بأختي بعد قرارها نزع الحجاب؟

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أختي نزعت الحجاب بعد سنتين تقريبا من ارتدائه بحجة أنها لم ترتده عن قناعة، وأن الناس أثروا فيها لترتديه، تشعر أنها لا تملك شخصية لتقرر ذلك بنفسها، وأنها ترتديه لإرضاء الناس من حولها، وليس لله.

قبل نزعه، استشرت أفراد عائلتي، وحاولت دفع الشبهات عنها وأن أبين لها أن هذا ذنب كبير، وأنه من تلبيس الشيطان ومكايده، لكنها أصرت وقالت إنها ستتوب بعد ذلك، وأنها تريد أن تفعل شيئا تحبه هي وتقرره، واليوم نزعته وذهبت لتدرس، فأثر ذلك في نفسي ووالدتي، وحزنت!

قلت لوالدتي أن تفعل شيئا هي أو والدي فهما مسؤولان عن فعلها، وأن هذا منكر، ولا يجب السكوت عنه، ولو كانت ابنتي لما سمحت لها بذلك، لكن ليس لدي عليها سلطة سوى أن أنصحها.

والدتي غضبت، وقالت إنها نصحتها، وهي تتحمل مسؤولية نفسها، وأنها فعلت ما بوسعها.

أريد أن أساعد أختي، لكن لا أعرف ماذا أفعل سوى أن أنصحها؟ كيف تنصحونني أن أتصرف؟ وهل ما ذكرته لوالدتي عن أختي يعتبر من الغيبة المحرمة أو النميمة؟ علما أنها خرجت من المنزل دون حجاب أمام أفراد العائلة (والدي ووالدتي وجدتي).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا لحرصك على هداية أختك وصلاحها، وأن يهدي أختك، ويردها للحق ردا جميلا.

ونصيحتنا -ابنتنا الكريمة- أن تحاولي وتكرري المحاولة مع أختك، وحاولي أن تكون طريقة إقناعها طريقة مقنعة ترد عن شبهاتها، وأسئلتها، مع دعاء الله تعالى لها بالهداية والتوفيق، واستعمال كل الوسائل المؤثرة عليها، من نصح أحبابها الذين يحبونها من أقاربها، كأمها وأبيها، ومن تتأثر بكلامهم، ولا تيأسوا من فضل الله تعالى ورحمته أن يهديها ويردها للحق، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

ومن هذه الشبهات التي ينبغي أن تجاب عنها بهدوء وروية، ما دعاها لنزع الحجاب من قولها أنها ليست لديها شخصية، وأنها إنما ارتدت الحجاب بسبب تأثرها بالآخرين، فيقال لها: إن من رحمة الله تعالى بالإنسان أن يهيئ له الوسائل والأسباب التي تعينه على الخير، ولو لم يتيسر له ما كان سيقدر على فعلها بنفسه، هذا من فضل الله تعالى ورحمته وتيسيره، وليس نقصا في الإنسان، ولا قدحا في طاعته وعبادته.

فإذا يسر الله تعالى للإنسان أسبابا، كبيئة يجد نفسه فيها مدفوعا نحو عمل من الأعمال كارتداء الحجاب، فإن هذا من لطف الله تعالى ورحمته بالإنسان، وإعانته على فعل الطاعة، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم، وأخبرنا الرسول العظيم -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة عن تأثير الجليس والبيئة في الإنسان، وحثنا الشرع الحكيم على اختيار الجلساء والأصحاب لننتفع بهم ونقتدي بهم في أفعالهم، وأمرنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بأن نتخذ من الأسباب التي تعيننا على فعل الطاعات، ومن أهم ذلك مجالسة الصالحين، والعبادة معهم، وكل هذا عبارة عن إيجاد وسائل معينة لهذا الإنسان لفعل الطاعات، وليس نقصا فيه، ولا قدحا فيه، فالإنسان ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه.

قال الله تعالى في قصة موسى أنه دعا ربه فقال: (واجعل لي وزيرا من أهلي* هارون أخي* اشدد به أزري* وأشركه في أمري* كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا)، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوم يدخلون الجنة بأنهم يقادون إلى الجنة بالسلاسل، أي أنهم جروا إلى الإسلام، ودفعوا إلى الإسلام دفعا، ألجأتهم الظروف حتى وجدوا أنفسهم أمام معرفة للإسلام، فعرفوا الإسلام واعتنقوه، ودخلوا فيه، ولولا هذه الظروف القاهرة التي دفعتهم لمعرفة الإسلام ما كانوا عرفوه، ولا آمنوا به.

فهذا كله ليس نقصا في الإنسان ولا قدحا فيه، بل هو من لطف الله تعالى به، ومحبته له أن ييسر له أسباب الخير، فينبغي أن تقنعي أختك بهذه الطريقة، وبهذا تردون عن هذه الشبهة، المهم أن لا تيأسي من رحمة الله تعالى، وحاولي أن تستعيني بكل الوسائل التي تؤثر على أختك، ومن ذلك تذكير الوالدين بأن واجبهما الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن الوالد يجب عليه أن يغير هذا المنكر بكل وسائل التغيير، من حقه التغيير باليد، والتغيير بالقول؛ لأنه صاحب سلطة في البيت.

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، فكل الوسائل التي ينبغي أن تؤثر على أختك، يجب على الوالد أن يفعلها، ولكن بحيث لا تؤدي إلى منكر أعظم منه، استعينوا بالله تعالى، ومارسوا ما تقدرون عليه من وسائل التغيير، النصح، والتوجيه مع الدعاء، وستجدون الله تعالى معينا لكم.

وأما ما ذكرت لوالدك عن أختك، فليس من الغيبة المحرمة؛ لأن ذكر بعض المنكرات وأصحابها لمن يعين ويساعد على تغيير هذه المنكرات، ليس من المقامات الممنوع فيها ذكر الغير بما يكره، كما ينص على ذلك العلماء، فالقدح في الآخرين، كما قال الشاعر:

القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقا ومستفت، ومن*** طلب الإعانة في إزالة منكر
فهذه ستة مواضع لا تحرم فيها الغيبة؛ لأن المقصود منها تحقيق المصلحة.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات