السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارتديت أنا وأختي الملحفة منذ فترة، والحمد لله، وفي البداية كانت أمي راضية، ولكن نظرا لأن أختي ترتدي الإيشارب أسمر، وأنا رمادي في أسمر -علما بأن الملحفة سمراء - بدأت أمي تستاء وتطالبنا بلبس إيشارب ملون.
طالما حاولنا إقناعها بأن الألوان الملفتة حرام لكنها لا تقتنع، وبعد مشاكل طويلة قامت أمي بأخذ الملاحف منا وأخفتها، وترفض رفضا باتا إعطاءنا إياها، وتدعو علينا، وتقول: قلبي وربي غضبان عليكم، وتريدنا أن نعود إلى ملابسنا التي كانت محترمة نوعا ما، جيبات وعبايات وإيشارب طويل.
طلبنا منها أن نرتدي الخمار فرفضت، وحقيقة أختي أكثر مني عقلا، ودائما تحاول التحدث بالعقل، وأنا أحاول ولكني سرعان ما أنفعل، وهذا يفسد الأمور ويغضبني، وهي كذلك.
وأنا أشعر بأن الله حرمني هذه النعمة؛ لأني لا أستحقها، ولست أدري ماذا أفعل؟! وهل أعود لملابسي لأرضيها أم أصبر؟ علما بأني لا أخرج من المنزل حاليا أنا وأختي، وهذا لا بأس به الآن، ولكن ماذا إن أصرت على موقفها حتى بدأت الدراسة.
الرجاء أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ رودا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يحفظكن ويسدد خطاكن، وأن يلهمكن رشدكن، وينفع بكن بلاده والعباد.
إنه لا بأس من إرضاء الوالدة، ولكن في الحدود المقبولة شرعا، وليس من شرط الحجاب أن يكون بلون واحد، ولكن من الضروري أن لا يكون صارخا وملفتا وزينة في نفسه، وأعتقد أن أي تغيير سوف يرضي الوالدة ولو كان قليلا، فاجعلوا الألوان متنوعة ومعقولة، وتلطفوا مع الوالدة ولا تصطدموا معها، فإنها تريد الخير لكنها أخطأت طريق الخير، والعبرة في نيتها، فلا تشتدي معها حتى لا تزيد في عنادها.
اعلمي أنها تتأثر بكلام الناس، وربما تسمع بعض الشبهات التي يثيرها أعداء الحجاب في كل زمان ومكان، ولا عجب فإنهم يغضبون لعودة الفتاة المسلمة إلى كتاب ربها الذي يهتف بها ويذكرها بقول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) [الأحزاب:59]
لعلنا نلاحظ قوله تعالى: (أن يعرفن) بأنهن العفيفات الطاهرات المؤمنات، وهذا دليل على أن الإسلام أراد للفتاة المسلمة أن تكون لها شخصيتها المميزة التي تخالف فيها الفاسقات والفاجرات والكافرات، ثم جاءت الآية التي بعدها لتعلن الحرب على أعداء الحجاب والطهر والإسلام والخير فقال سبحانه: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا...) [الأحزاب:61].
قد أسعدتني هذه الرغبة في إرضاء الوالدة، وأفرحني ذلك الحرص على الحجاب، ومرحبا بكن في موقعكن بين الآباء والإخوان.
أما دعاء الوالدة عليكن فلا ضرر فيه؛ لأن طاعة الله أغلى وأعلى، ولكننا نتمنى تفادي ما يجلب غضبها والحرص على الزيادة في برها، ونسأل الله أن يغفر لنا ولها.
أرجو أن تتولى أختك الحديث مع الوالدة، واستعينوا -بعد الله- بالعقلاء والفضلاء من المحارم والعلماء الأجلاء.
اعلمي أن نعم الله مقسمة، وإذا كان الله قد حرمك نعمة الصبر على النقاش، فقد أعطاك نعما أخرى، فاشكري نعم الله عليك، ولا تعودي نفسك مثل هذه الكلمات فأنت تستحقين كل خير، وقد منحك الله نعمة الهداية والحجاب، وهي من أعظم نعم الكريم الوهاب.
كما أرجو أن تحاولي تعود الحلم والصبر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله) وعليكم بكثرة اللجوء إلى من يصرف القلوب إلى طاعته، واطلبوا مساعدة الوالد ولطفوا الجو مع الوالدة، واختاروا الأوقات المناسبة لإقناعها، وأسمعوها كلام من تثق فيه من العلماء، وقدموا رضوان الله، وسيرضي الله عنكم الوالدة، والتزمي بتقوى الله فإنه سبحانه يؤيد أهلها وييسر أمورهم ويذهب همومهم.
ونسأل الله لكن التوفيق والسداد.